من أولويات «الحوكمة» تحقق شرط (عدم تعارض المصالح). وهذا الشرط موجود قديماً في الشريعة ضمن أحكام الفقه الإسلامي، ومن ذلك ضوابط قبول الشهادة بأنها مشروطة بعدم جلب مصلحة خاصة أو درء مفسدة شخصية، ومن ذلك شهادة كل ذي منفعة، أو أصول وفروع المشهود له. بل حتى فيما هو أقل من هذا؛ حيث اشترطت الشريعة على القاضي ألا يحكم بعلمه، ولا بما يخالف علمه، حتى يتحقق شرط الحياد والتجرد. ولذا يعتبر من أنواع «الفساد» (تعارض المصالح)، حتى في السلطة «القضائية»؛ بحيث يتنحى من عند نفسه، أو يطلب أحد الطرفين تنحيه؛ لتعارض المصالح مثلاً، كأن يكون قريبه، أو له مصلحة معه، أو حتى لربما كان ضيفاً يوماً من الأيام على مائدته. وهكذا من باب أولى في أجهزة «الحكومة» كافة، وحتى في القطاع الأهلي والخيري، لأن النزاهة واجبة على الجميع. ومن أسوأ الفساد أن يستغل المسؤول ولايته لتحقيق مصالح خاصة له أو لغيره، أو لحماية مكاسب له أو لغيره. وتعارض المصالح باب كبير، ينبغي علينا الاهتمام به، لأنه الذي ولج منه الكثير من حالات الفساد. ولذا «المشرع» راعى ذلك في الكثير من الأنظمة، ولا سيما شروط ممارسة وظائف الدولة. ولكن يبقى على المختصين تحقيق ذلك، دون مجاملة مع منسوبيهم، فضلاً عن أن يكون هو نفسه يسعى لمصلحة خاصة من وراء السكوت عن ذلك.