هل يعتبر فيروس كورونا (قوة قاهرة أو ظرفا طارئا) يؤثر على العقود بمختلف أنواعها؟ في البداية، يجب أن نوضح أنه لا يوجد سابقة وحدث مماثل لفيروس كورونا قانوناً في ردهات المحاكم والقضاء في المملكة، ولا يوجد نص نظامي وقانوني تطرّق لمثل ذلك، ولذلك يجب أن نوضح عدة أمور مهمة، وهي أولاً، أن هذا الفيروس هو أول سابقة قضائية من نوعها قد ينظرها القضاء، وذلك يترتب عليه عدد من النقاط الجوهرية، ومنها أنه على القاضي ابتداع حل جديد لواقعة جديدة لم يسبق تقرير حكم لها من قبل، ولم يسبق لها نظير، لذلك عند عدم وجود نص نظامي يتطرق للواقعة ونستند عليه سيضطر القاضي إلى تقدير الواقعة بحسب اجتهاده، وهنا بناءً على هذا الاجتهاد بين القضاء سيكون هناك تفاوت في الأحكام القضائية بين المحاكم بل بين المحكمة الواحدة من قاض إلى آخر. أمّا فيما يخص تأثير فيروس كورونا على العقود، وهل هو موجب لفسخ العقد، فبلا شك أنه يؤثر على العقود من عدة اتجاهات توجب الفسخ أحياناً، مثال على ذلك: حجز القاعات وقصور الأفراح ودفع قيمة الحجز وتعذر استعمالها بسبب الأزمة، هنا يُرَد المبلغ المدفوع كاملاً، لأن المستأجر لم يُمكّن من الانتفاع بالعين المؤجرة بناءً على ظرف خارج عن الإرادة وغير متوقع، وهذا بالطبع يقرره القضاء وفق ما يراه على حسب كل حالة وظروفها، وكذلك هناك تساؤل بخصوص رسوم المدارس الأهلية، هل هناك إمكانية لإرجاع جزء من المبلغ، بمقتضى أن الطلاب قد أُعطوا إجازة من قبل الوزارة لما تمر به البلاد من أوضاع، فهنا المدرسة قد أوفت بما هو مطلوب منها، لأنها قامت بتدريس الطلاب أثناء الأزمة عن بُعد والقيام بالاختبارات عن بُعد كذلك، وهنا لا يحق لنا المطالبة برد جزء من المبلغ لقيام المدرسة بالوفاء بما هو مطلوب منها حتى ولو اختلف الأسلوب، وهنا يجب علينا أن نُميز بين السبب الذي من أجله نريد فسخ العقد، هل هو ظرف طارئ وقوة قاهرة وهي بسبب فيروس كورونا، أم هي بسبب المتعاقد نفسه؟ فإن القضاء سيدرس سبب فسخ العقد أو وقف تنفيذ العقد، وهل فسخ العقد أو وقف التنفيذ بسبب استحالة التنفيذ نتيجة التوجيهات والتعليمات التي تصدرها الدولة بمختلف قطاعاتها ومؤسساتها وبسبب خارج عن إرادة المتعاقدين، أم هو بسبب استعمال غير مشروع للحق، وهذا يرجع لتقدير واجتهاد القضاة في دولتنا، لذلك وفق ما ذكرنا فإن الحكمة تشير إلى التريّث وعدم الاستعجال في فسخ العقود والمطالبات، وينبغي علينا التراحم والتعاطف والوقوف إلى جانب بعضنا البعض والتكاتف وتطبيق ودعم قرارات دولتنا الحكيمة والتعاون مع الجهات الرسمية وفق ما تراه مناسبا وصوابا من إجراءات وقرارات صادرة. وفي الأخير حفظ الله العباد والبلاد من كل شر، ودفع الله عنا هذا البلاء، والله ولي التوفيق.