بعد سنوات طويلة من تعاطي التدخين كوجبة هامة في أوقات فراغي أكرمني الله بإنهاء علاقتي وارتباطي بهذا الوباء المميت، لقد تحررت أخيرا من قيود هذه العادة التي أسرتني سنين عدة، وسرقت مني أجمل اللحظات، وحرمتني متعة الجلوس مع عائلتي وأصدقائي. كنت أظن أني لو توقفت عن التدخين يوما واحدا سأموت، لم يتحرك عقلي ويفكر ويدرك أن من يعيشون حولي ومعي ولا يدخنون أراهم سعداء وصحتهم عال العال. كنت أعتقد أن التدخين من علامات الرجولة، ومن كمال الشخصية، وسببا هاما للحصول على مزيد من السعادة والانتشاء، وللأسف أدركت أخيرا أنني كنت بلا عقل، بلا عزيمة، أصحوا وأنام على رائحة هذا البارود الذي يشتعل داخل صدري مسببا لي مزيدا من الألم والسعال، وكنت لا أبالي، المهم الاستمرار في هذا الوهم. ويزيدك ضياعا أصدقاء السوء عندما يقدمون لك سيجارة كضيافة منهم لك، وتسمع أحدهم يقول لك احرق زهرة شبابك بكل برود واستهتار، تجد التشجيع من المدخنين الذين يقتلون أي فرصة تحاول فيها التوقف ليشعلوا لك الوهم من جديد، وكل همهم أن تبقى مدخنا معهم لأن هذا يسعدهم. عند توقفي عن التدخين وجدت الفرق كبيرا بين المدخن وغير المدخن، وجدت أنني أعيش في وهم كبير اسمه لا أستطيع التوقف، ولكن أراد الله لي الخير وأخرجني من هذا الوهم لأعود إنسانا طبيعيا أتنفس بكل راحة، وأنام بهدوء دون سعال ولا أنين. وجدت بعد فترة من الزمن أنني ظلمت نفسي وللأسف بيدي، أشتري هذه السموم وأحرق بها جسدي وأدمر بها صحتي، لم أراجع نفسي وأحكم عقلي، لقد أهملت صحتي وأزعجت من حولي برائحتي الكريهة، وكنت سببا في جعل أبنائي يدخنون لأنني كنت القدوة لهم. ليس صعبا أو مستحيلا أن تتوقف عن التدخين.. هي فترة قصيرة قد تتعب خلالها لكن بعدها ستنجح، ابتعد عمن باعوا لك الوهم وجعلوك تظن أن السعادة والنشوة والاسترخاء هي في التدخين. أخي المدخن، انظر إلى وجهك وكيف يبدو لك أسود، وانظر إلى غير المدخن ترى وجهه ناصع البياض.. انظر إلى أسنانك، إلى رائحة فمك، إلى ثيابك التي أتلفها التدخين، اسمع صرخات رئتيك وهما تناديانك أن تتوقف. شيء من الإرادة والعزيمة وحب الحياة والصحة هو ما تحتاجه لتهجر هذا التدخين وتنتصر على نفسك وعلى ضعفك واستسلامك.