بعد توقف إجباري فرضه تفشي فيروس كورونا (كوفيد - 19)، يترقب المهتمون بكرة القدم عودة نشاطها تدريجيا خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد إعلان عدد من الدوريات عن عودتها بشكل تدريجي، بيد أن أمورا كثيرة قد تتغير بعد عصر الفيروس، ولكن كيف ينظر أهم عناصر اللعبة الاحترافية، ومن ضمنهم مدربون ولاعبون ووكلاء أعمالهم ورعاة وحقوق بث إلى مستقبل كرة القدم والتغيرات المتوقعة سلبا وإيجابا. المديرون الفنيون العنصر الأكثر استفادة فيما يبدو من رياح التغيير هو الأندية، حيث يرى بول لامبيرت المدير الفني لفريق إيبسويتش تاون الإنجليزي (درجة ثانية) أن كرة القدم ستتغير للأفضل "سيتعين على اللاعبين ووكلائهم مواجهة واقع جديد، وستعود الكفة لصالح الأندية بعد فترة تأرجح طويلة، وسنلمس ذلك أكثر في المسابقات الأدنى حيث تضرب آثار كورونا ماليا بشدة، وبالتالي سنرى أندية أقل متورطة ماليا بسبب الصفقات والعقود". نوعية الاستقطابات أيضا ستتغير، مع مشاركة مزيد من اللاعبين الشبان، موضحا "لدينا في إيبسويتش مجموعة موهوبة تحت 16 عاما فما فوق، وإذا لم نتمكن من دخول السوق والإنفاق، فيمكننا تصعيدهم وتطويرهم، وأعتقد سيكون لهذا تأثير إيجابي وسيقرب بين المشجعين واللاعبين". في المقابل، ينتظر مايكل أونيل مدرب ستوك سيتي (درجة أولى) نهجا تصحيحيا وحكيما بشكل عام، ويقول "لست مقتنعا بأن النوادي الكبيرة ستتوقف عن دفع مبالغ ضخمة، فالأفضل ما زالوا يريدون الأفضل وسيدفعون ما يلزم لجلبهم، كان هناك ارتفاع لا يصدق في حجم أجور لاعبي البريميرليج في السنوات الأخيرة، مما يؤثر على أندية مثل أنديتنا لتتراجع بعد ذلك إلى مستوى أقل". اللاعبون يعد اللاعبون الأكثر قلقا بشأن مستقبل كرة القدم وفقا لما ينتظرهم أمام تراجع أوضاع الأندية المالية، ويصف جويل بيروم لاعب ستيفينيج (درجة ثالثة) الأمر بأنه "وقت مخيف"، موضحا "ستكون هناك أموال أقل في اللعبة وبالتالي وظائف أقل، وسيضطر اللاعبون لقبول التقليص، علينا أيضا التفكير في المستقبل، فإذا لم يكن هناك كرة قدم بعد انتهاء العقود عليك إيجاد عمل، وإن لم تبدأ كرة القدم حتى وقت لاحق هذا العام، فهذا يعني عدم حصولنا على راتب ل3 أو 4 أشهر، لذا فهذا هو وقت دخول العالم الحقيقي"، مضيفا "تخرجت مؤخرا في تخصص صحافة وأتطلع للعمل في التدريب واكتشاف المواهب، بيد أنه في غياب كرة القدم لن يكون هناك أحد لتدريبه أو اكتشافه، وبالتالي عليك النظر خارج اللعبة". بدوره يرى توسين ادارابييو لاعب مانشستر سيتي المعار لبلاكبيرن، أن أيام العودة الأولى ربما تشهد تغييراً، سواء في الحضور الجماهيري أو كيفية السفر للمباريات، ويقول "أعتقد أننا سنعود لما كانت عليه الأمور في النهاية، لكن بما أنه ليس هناك كثير من الناس يحبون التغيير حتى عندما يكون للأفضل، سيحدث ذلك ببطء". وكلاء اللاعبين أوضاعهم ستتغير بالتأكيد، على الأقل في السنوات القليلة المقبلة، مع هذا يرى نيل سانج، محترف سابق ووكيل لاعبين حاليا، أن اللاعبين الكبار ووكلاءهم سيستمرون في المطالبة بأموال ضخمة، وهذا أمر لن يؤثر كثيرا على الملاك الأثرياء للأندية، بيد أنه ستكون هناك بعض التغييرات حتى يتعافى الاقتصاد، ويقول "بالنسبة للاعبين الصاعدين من الفئات السنية، حتى على مستوى البريميرليج، من المحتمل أن تكون هناك رواتب منخفضة وعقود تحفيزية أكثر، وبالتالي ستضطر الأندية لأن تكون أكثر انفتاحا فيما يتعلق بميزانياتها وإيراداتها التسويقية". ستختبر القيود المالية عزيمة اللاعبين وعقولهم، وربما لن يتمكن لاعبون في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من أعمارهم، من تلقي 2500 جنيه إسترليني أسبوعيا في أحد أندية الدرجة الثانية عندما يبدأ ملاكها في التطلع إلى لاعبين أصغر وأكثر تعطشا بمقابل أقل، مشيرا إلى أن هؤلاء "معرضون لخطر الخروج من اللعبة وسيتعين على الوكلاء ضمان حصولهم على وظائف ثانية ودعمهم عقليا"، ومضيفا "هناك خطر أيضا بأن تستغل بعض الأندية هذه الأزمة لتقليل رواتب لاعبيها، وهذه مخاطرة لأنه ربما يخسرونهم لأندية أخرى تدفع لهم". المديرون التنفيذيون يجب العمل مع مجموعة كبيرة جدا من السيناريوهات والقيام بكثير من التخطيط عندما يتعلق الأمر بالتوظيف والاستقطاب، وستجبر الأندية على أن تصبح مبدعة حول كيفية تحقيق إيرادات من أيام المباراة دون مشجعين في الملعب، وهو ما يكشفه راسموس أنكرسن، مدير فريق برينتفورد الإنجليزي ورئيس نادي إف سي ميدتيلاند الدنماركي "قدمنا مفهوم كرة القدم بالسيارة، حيث سيشاهد الناس المباراة على شاشات كبيرة من سياراتهم خارج الملعب، ويمكن أن يساعد هذا في تقليل الضرر الناتج عن فقدان دخلك يوم المباراة". الإدارة المعقولة والجيدة أكثر أهمية وستمكن الأندية من التأقلم، يقول روري فيتزجيرالد، رئيس نادي ويلدستون الإنجليزي (درجة خامسة) "هناك اقتراحات بأقلمة الدوري الوطني لتقليل تكاليف السفر، نحن واثقون من قدرتنا على تحمل نفقات السفر طالما يُسمح للأشخاص بحضور المباريات مع التباعد الاجتماعي المناسب"، مقترحا إقامة الأندية الكبيرة لمزيد من المباريات مع الأندية المحلية الصغيرة قبل بداية الموسم، في حال أدت الأزمة إلى أن تقرر تقليل أو إلغاء جولاتها العالمية الصيفية، مضيفا "يمكن أن تحدث مباريات كهذه فرقا كبيرا في الصيف بحضور 3 آلاف متفرج يدفع كل منهم 15 جنيها إسترلينيا. البث التلفزيوني كرة القدم هي الرياضة الأهم على شاشة التلفزيون، ولكن حتى قبل اندلاع الأزمة، كانت الأمور تسير إلى وضع بدأت فيه الشركات الناقلة التعرض لخسائر، يقول جيمس بارفورد، مدير اتصالات شركة Enders Analysis المتخصصة في مجال خدمات البحوث والتحليلات "بينما نود الاعتقاد أن الأشياء ستعود إلى طبيعتها قريبا، فلا يوجد ضمانات، ومع عدم وجود رياضة تعرضها لهم، توقفت الشركة الناقلة Sky عن أخذ أموال من عملائها وأتصور أن هذا سيستمر". يضيف "في أوروبا، هناك حماية إلى حد ما للتلفزيون المدفوع وخاصة في الرياضة، وخلال الأوقات الاقتصادية الصعبة، الرياضة هي ما نعود إليه، لكن هذا ليس بالضرورة هو الحال خارج أوروبا، فشركات التلفزيون المدفوع تعاني حول العالم"، موضحا جانبا آخر للاقتصاد "تتمتع أندية البريميرليج الكبرى بدخل متنوع إلى حد ما، من البث ورعايات شركات عالمية ودخل المباريات، تمثل ثلث إجمالي إيرادات كل منها، في المقابل هناك أندية أقل في ذات المسابقة تمتلك ملعبا أصغر بكثير ورعاية أقل، ويعتمدون أكثر على دخل المباريات، وقد يكون لهذا تأثيره في أعقاب تفشي فيروس كورونا". الرعاية التجارية بدأت آثار الوباء على هذا الجانب في الظهور، وقد يكون حل بعض المشاكل المحتملة أمرا حاسما بالنسبة لآمال بعض الأندية في الصمود أمام هذه الأزمة، يقول كيران ماجواير، محاضر في كلية الإدارة بجامعة ليفربول ومتخصص في تمويل كرة القدم "لا تفي الأندية بالتزاماتها فيما يتعلق بالترويج للمنتجات التي ترعاها لأنها لا تلعب مباريات حاليا، سواء كان ذلك يعني أن الجهات الراعية قد تطلب استرداد بعض الأموال، سيعتمد ذلك كثيرا على ما يلتزم به كل ناد، في كثير من الأحيان، يتضمن الأمر سفر اللاعبين بطلب من الراعي لتصوير إعلانات ترويجية، وبسبب قيود السفر لا يمكن الوفاء بهذا، لذلك قد تطلب الجهات الراعية استرداد أموالها أو قد يتعذر عليها الدفع فعليا". نظرا لفواتير الأجور الكبيرة للاعبيها، فإن أندية البريميرليج ليست في آخر النفق، ويستدرك ماجواير "أندية الدرجتين الأولى والثانية من تتألم حاليا لاعتمادها أكثر على دخل المباريات، كما تختلف طبيعة الرعاة لديها، فهي ليست شركات عالمية، وإنما محلية، ومن المحتمل أن تعاني بنفسها نتيجة الوباء وبالتالي لن تكون قادرة على دفع قسطها للنادي". كشافو الأندية مع تقييد السفر ومباريات ملعوبة قليلة، سيكون تحليل الفيديو أمرا أساسيا لكشافي الأندية في بحثهم عن المواهب، ربما لن يكون ذلك بمثابة صدمة لأندية في البريميرليج، لأن معظمها بالفعل متقدم جدا في هذا الجانب، ولكنه سيسبب صعوبات، يشير ستيف رولي، رئيس كشافي آرسنال سابقا، إلى أن الإحصائيات ضرورية ولكن لرؤية الشخصية الحقيقية للاعب، وكيفية تعامله مع نفسه في مواقف معينة، يجب مشاهدته على الطبيعة". ويرى رولي أنه مع قلة المال حاليا، ستكون الأندية تحديدا حذرة عندما تضع في الاعتبار تعاقدات كبيرة على المدى القصير أو المتوسط، وسيكون هناك بعض القلق بشأن ارتكاب أخطاء باهظة الثمن، معتبرا أن الوضع الحالي قد يولد نوعا أكثر إبداعا من الاستكشاف "ستضاعف الأندية طاقاتها في البحث عن صفقات أقل في دوريات الدرجات الأدني، أو في دوريات أجنبية أصغر، للعثور على جوهرة مخفية"، مختتما "أندية مثل شيفيلد يونايتد وبيرنلي، لا يوظفون أعدادا كبيرة من الكشافين ولكن لديهم عمليات معقدة ويختارون دائما بشكل جيد، ويبدو أنهم مجهزون جيدا للتعامل مع ما هو قادم". مراكز التدريب التأثير سيكون مروعا على مراكز التدريب الخاصة والأكاديميات، والمشكلة الرئيسية هي عدم حصولهم على المال الذي يتلقونه عادة من رسوم جلسات التدريب أو التبرعات، ويذهب للمساعدة في دفع رسوم المعدات والملاعب والمسابقات، ويبدي كيني سوندرز مؤسس حملة (Save Grassroots)، مخاوفه عندما تستأنف كرة القدم، من أن كثيرا من الآباء سيكونون بلا عمل ويقول: "كنا ندعم كثيرا من الأطفال قبل حدوث ذلك، ويكلفنا تأجير الملعب أكثر من 30 ألف جنيه إسترليني سنويا، هذا فقط لتدريب 300 طفل، ولدينا رسوم أخرى متعددة، كيف ستأتي الأموال إذا علمنا أن الشركات التي عادة ما ترعى الفرق تتعرض للخسائر أيضا". المجالس المحلية ستضطر إلى بيع مزيد من الملاعب لتمويل حزم الإنقاذ، وسيكون هناك تأثير على صحة الأطفال من حيث ارتفاع مستويات السمنة والعواقب النفسية، وانخفاض عدد المتطوعين، الذين يلعبون دورا حيويا في إدارة الأمور، مضيفا "لا نعمل في هذه المراكز لنقدم نجم البريميرليج المقبل، بل لمساعدة الأطفال للبقاء في لياقة ملائمة وتكوين صداقات، ولكن إذا كان حتى البريميرليج يصرخ من أجل المال، فلن يبقى لنا شيء في القاع". مظاهر التغيير غياب الرعايات انحسار النقل التلفزيوني غياب إيراد الحضور الجماهيري افتقاد مراكز التدريب للدخل التلويح بانخفاض أجور اللاعبين الأندية ستركز على الصغار لقلة الكلفة المجالس المحلية ستبيع الملاعب لتمويل برامجها غياب الملاعب سيؤثر على صحة الأطفال