يحتفي العالم مجددا باليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس، فكل عام وسيدات وطني بخير، وكل عام وهنَّ يرفلن في ثياب العز والتمكين في دولتنا الحبيبة التي تسعى قيادتها سعيا حثيثا إلى تحسين وضع المرأة، بعد عقود طوال من وقوفها في الظل. كنت قد كتبت في الوطن قبل عامين عن أهمية فتح الأبواب المغلقة أمام السيدات الواعيات المتعلمات في مقال (أبواب العوائل في الخلف)، وشهدنا ولله الحمد منذ ذلك التاريخ حتى اليوم خطوات متسارعة وقفزات وثابة لتمكين المرأة في مجتمعنا لا ينكرها منصف. خلال حضوري مؤخراً لمؤتمر بحثي يُعنى بشؤون المرأة من منظور عالمي، أدركت عدداً من الحقائق عن واقع المرأة عالميا في مجال التعليم على وجه التحديد، ويمكنني القول بكل إنصاف إن الوضع العام للمرأة في هذا المجال في بلادنا أفضل من دول كثيرة سبقتنا في مجال التمكين، لكن هذا لا يكفي، بل أرجو أن نصل قريبا للصدارة في تمكين المرأة في مجال التعليم بالذات؛ لأن التعليم حجر الزا وية في تطوير وبناء أي مجتمع. لكن من المؤسف أن المرأة لا زالت بعيدة عن التمثيل الكافي في المناصب الأكاديمية العليا في معظم البلدان.،على سبيل المثال، تمثل النساء 20% فقط من الأكاديميين في مجالي الأعمال والإدارة بالمملكة المتحدة،هذه النسبة ليست مستغربة في الأوساط الأكاديمية. الفرق الجوهري أن هناك محاولات دائمة للحد من التحيز في توظيف السيدات وترقيتهن في دول العالم الأول بالمجال الأكاديمي، فلجان التوظيف مثلا لا بد أن تشكل السيدات منها ما نسبته 30 % لضمان عدم الانحياز اللاواعي لاستقطاب الكوادر الرجالية فقط. كما تعقد دورات على مستوى القيادات تستهدف مهارات الاستقطاب القائمة على التنوع ومواجهة الأطر الفكرية المتحيزة بلا وعي، وعلى الأخص للموظفين المسؤولين عن قرارات التوظيف أو الترقية في الموارد البشرية للمؤسسات الأكاديمية. وعلى الرغم من هذه الجهود لا زالت الأرقام غير متكافئة، بل أنه لا يوجد في الأفق ما يشير إلى إمكانية الوصول للمساواة في الأكاديميا قريبا، فلماذا لا تصل المرأة للصفوف الأمامية؟ ولماذا قد تخفق حتى بعد وصولها للصف الأمامي؟ ربما تكون الإجابة في ميل المرأة الطبيعي للمشاركة لا التنافسية كما تشير الأبحاث. أي أن المرأة قد تكون هي السبب في عدم وصولها أو استمراريتها كما تشير دراسة حديثة في هذا المجال. وعليه فقد أوصى الباحثون في هذا المجال بأن تساعد المرأة نفسها وبنات جنسها في اغتنام المزيد من الفرص في الوصول للصف للمناصب القيادية عبر تغيير معتقداتها حول قيمة المنافسة، وهذا يؤكد ما نعرفه سلفا بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وللحديث بقية.