الوعي الحضاري للأمم مقياس تقدمها وتطورها وهو الذي يجعلها في مصاف الدول المتقدمة ويحررها من ربقة الجهل والتخلف المقيت ويضعها في الصدارة بشكل دائم. والوعي الحضاري كلمة واسعة المعاني كبيرة المحتوى، ولكني أحاول لفت النظر إلى طرف من الوعي فيما يتعلق بجانب التوعية الصحية في ظل ظروف الوباء العالمي (كورونا). والسؤال الذي يفرض نفسه وبقوة، هل هناك توعية كافية في المدارس والجامعات والمحاضن التربوية والاجتماعية بضرورة العناية بالنظافة والوقاية من الأمراض والاهتمام بالصحة والرياضة؟ وعدم الاكتفاء بالتوعية الإعلامية التي اقتصرت في الغالب على نشر أخبار كورونا وبث الرعب بين الناس دون توعية صحية نفسية واجتماعية وتربوية كافية؟ هل نحن على قدر المسؤولية تجاه هذا المرض وغيره من الأوبئة سريعة الانتشار؟ وهل التزمنا في وزارة الصحة ومستشفياتها بالمعايير الدولية لمنظمة الصحة العالمية بالقدر الكافي، وهل يكفي أن نقول للأبناء عبر الإعلام المرئي والمسموع عن استخدام الكمامات والقفازات والتعقيم وغسل اليدين؟! يا ترى هل ذلك كافٍ في توعية حضارية شاملة لا تختص بوقت معين وخطر محدق، بل تستمر في مناهج التعليم ومختبرات الصحة وفي المدارس واللقاءات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، لا شك أن هناك تقصيراً وخللاً ظاهراً وتوعية قاصرة. إن بث الرعب بين أبناء المجتمع ليس عملاً حضارياً، بل هو لون من ألوان الإرجاف. والأولى من ذلك في نظري هو نشر ثقافة التفاؤل والأمل والتفكير الإيجابي في المدرسة والأسرة والمجتمع. مع الأخذ بالاحتياطات الصحية بمعايير الجودة العالمية وتربية الجيل الجديد على وعي حضاري في ظل العولمة الجديدة، فذلك أفضل من كل البرامج المختلفة والأخبار السلبية السيئة التي تطل علينا كل يوم دون توعية حضارية تذكر.