لم يكن الموسم الرياضي هادئا كعادته، بل احتقن بأحداث ظهرت للمرة الأولى أبرزها استقالة الأمير نواف بن فيصل من منصبه كرئيس للاتحاد السعودي لكرة القدم، ومنع رئيس نادي الوحدة السابق جمال تونسي من ممارسة الرياضة لخمس سنوات، وعقوبات متفاوتة تراوحت بين لفت نظر وغرامات بمئات الآلاف من الريالات ضد رؤساء أندية، جراء تصريحات نارية صدرت عنهم بسبب أخطاء الحكام السعوديين، واعتداء قائد النصر حسين عبدالغني على لاعب الاتحاد مشعل السعيد في موقف سيارات فندق بالرياض، وحرمان الأندية السعودية من نصف مقعد في البطولة الآسيوية، وجدل مثير في وسائل الإعلام حول قرارات لجنة الانضباط وبيئة الملاعب الرياضية، وعدم استلام الأندية حقوق النقل التلفزيوني على القناة الرياضية السعودية، وشغب جماهيري في ملعب نادي الشعلة بالخرج وتهجم مشجعين على منزل الحكم مطرف القحطاني بالدلم. وشهد الموسم مواقف طريفة منها ابتكار رئيس لجنة الحكام الرئيسة عمر المهنا طريقة لتوحيد بدء انطلاقة المباريات، وضياع جوال رئيس لجنة المسابقات فهد المصيبيح في ماليزيا أربك موعد لقاء الرائد والاتفاق. وختام الموسم كان مسكا بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، نهائي كأس الأبطال بين الأهلي والنصر، الذي سبق أن وجه بحصول القناة الرياضية على حقوق نقل الدوري السعودي حصريا، وبتوسعة إستاد الأمير عبدالله الفيصل بجدة، وإنشاء ملعب دولي هو إستاد الملك عبدالله بجدة، ليعلن الأمير نواف عن عفو شامل لجميع الرياضيين الموقوفين والمشطوبين. عثرة بيئة الملاعب يقول رئيس رابطة دوري المحترفين السعودي لكرة القدم محمد النويصر أنه لا تزال عملية تطوير بيئة الملاعب في المملكة تتكسر على صخرة ضعف الميزانية المالية المخصصة للرئاسة العامة لرعاية الشباب، حيث تفتقر إلى وجود الخدمات المتنوعة من مأكولات وترفيه ومواقف، كما أنه لم يتم إنشاء بوابات إلكترونية سوى في ملعب الملز بالرياض فقط. ويرى النويصر أن الاتحاد السعودي لكرة القدم افتقر في الموسم المنقضي إلى شخصية هامة تتمثل في رئيسه السابق الأمير نواف بن فيصل بن فهد الذي قدم استقالته مع أن وجوده كان يمثل قوة كبيرة للكرة السعودية والرياضة بشكل عام. وفي المقابل، يشيد النويصر بما تحقق خلال الموسم من ارتفاع مستوى التغطية الإعلامية في منافسات دوري زين للمحترفين، كالمؤتمرات الصحفية التي أقيمت قبل وبعد المباريات الكروية واللقاءات الخاطفة المسماة ب"فلاش إنترفيو" أو ما يتم في ال"المكس زون" وهي المنطقة المخصصة لإجراء المقابلات مع اللاعبين. ويرى النويصر أن إنشاء رابطة دوري المحترفين السعودي لكرة القدم كان أهم ما تحقق بالنسبة إليه كرئيس لها، للقيام بدورها في تنفيذ القرارات التي تتخذها وتعتمدها الأندية. ويشير إلى أن جمال الموسم كان في عدم معرفة البطل فيه حتى آخر مباراة جمعت بين الشباب والأهلي، وكذلك بالنسبة لصاحب المركز الثالث سوى في آخر مباراة أقيمت بين الهلال والاتفاق. وفاة سلطان الخير ويرى عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم رئيس نادي التعاون المستقيل أخيرا محمد السراح، أن وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز كان له تأثير مؤلم على الرياضيين في المملكة خصوصا الأندية المحلية، حيث كان يرحمه الله داعما للجميع. وكذلك ابتعاد الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل بن فهد عن اتحاد الكرة بعد أن قدم استقالته من منصبه كرئيس له. ويعتقد السراح أن الموسم المنقضي اتسم بالاحتقان جراء التنافس المحموم بين الفرق الكروية في المسابقات المحلية وما صاحبه من تصريحات نارية لرؤساء أندية وإداريين، والذي كان مسرحا للعديد من القضايا الذي تناولتها وسائل الإعلام المختلفة. كما بين السراح أن غموض اللوائح القانونية تسببت في جدل مثير بعد صدور قرارات وعقوبات صارمة، متمنيا أن تتضح الرؤية في الموسم المقبل. وأكد أن عدم تسلم إدارات الأندية لحقوق النقل التلفزيوني أدى إلى شح مالي وعدم قدرتها على إعداد موازناتها المالية بالشكل المطلوب. وعرج إلى بعض القرارات التحكيمية التي تضررت منها عدد من الفرق، ومنها التعاون رغم صعوبة تقييم التحكيم سواء بالإيجاب أو السلبإ حيث إنه نجح في أحيان وأخفق في أحيان أخرى. وابان أن معظم الأندية السعودية أخفقت في التعاقد مع لاعبين ومدربين أجانب في مستوى الطموحات مما أثر على مستوى الدوري، وتذبذب مستويات فرق كالتعاون والرائد والقادسية، رغم تفوق عدد آخر كالأهلي والشباب اللذين قدما عطاءات جيدة على عكس الموسم الماضي، فيما عد فريق الفتح الحصان الأسود بما قدمه من مستوى جيد بين فرق الوسط. نقد بناء لا تجريح احتدم الجدل حول الأخطاء التحكيمية التي وقع بها بعض الحكام السعوديين، والتي تسببت في إطلاق تصريحات مثيرة لرؤساء أندية، وغضب بين اللاعبين أدى إلى صدور عقوبات قوية. وهنا يوضح رئيس لجنة الحكام الرئيسة عمر المهنا أن لجنته تتقبل النقد الهادف وترفض التجريح الشخصي والإساءة للحكام أو لأي أشخاص آخرين، معتبرا القرارات التي تصدر من خلال اللوائح القانونية والملزمة لتطبيق العقوبات مساعدة للتحكيم الرياضي في المملكة. ومنح المهنا التحكيم في تقييمه له خلال الموسم المنقضي درجة جيد إلى جيد جدا، بقوله "درجة جيد في التقييم التحكيمي ليست ضعيفة أو سيئة بل إن أداء بعض الحكام كان جيد جدا في عدد من المباريات، بفضل التعاون الذي حصلوا عليه من قبل رؤساء أندية ولاعبين ومدربين وإعلاميين، ونتطلع إلى أداء أفضل في الموسم الجديد". وتأسف المهنا على معاملة الحكم السعودي من خلال أخطائه التقديرية التي حكم عليها بأنها شخصية أو متعمدة، فيما تؤخذ أخطاء الحكم الأجنبي بأنها من ضمن لعبة كرة القدم". غياب العدالة الاجتماعية يعد الكاتب الصحفي عدنان جستنية أن البيان الذي أصدرته الإدارة المكلفة بتسيير شؤون الاتحاد السعودي لكرة القدم والمتضمن إعفاء المستشار القانوني، رئيس اللجنة القانونية لاتحاد الكرة ماجد قاروب هو أبلغ جواب على عمل لجنة الانضباط، وأكبر رد اعتبار لشخص رياضي معروف مثل رئيس نادي الوحدة السابق جمال تونسي، وعلى من تعرض لظلم من لجنة الانضباط خلال الموسم ومن الفكر الذي مارسته في ادعاءاتها لتنظيم القوانين والأنظمة ومن رجالات قانون شوهت صورة الكرة السعودية بعد أن تم الاستعانة بمتخصصين، وما أعقبها من تقديم استقالات من عدد من القانونيين لتكوين "لوبي" للدفاع عن قاروب، الأمر الذي كشف حقيقة هؤلاء المتخصصين وأعطى فكرة كاملة للوسط الرياضي عما كان يحدث في المنظومة الرياضية التي يجب أن يكون لها توجه جديد في المرحلة المقبلة. ويقول جستنية "لست ضد أن يكون هناك متخصصون في الشؤون القانوينة حيث من المهم الاستعانة بهم في التعرف على أنظمة وقوانين كرة القدم، ولكن لا بد ألا يترك لهم التنفيذ الذي يجب أن يتولى مهمته ذوو الاختصاص في كرة القدم، فيكون دور القانونيين استشاري لا تنفيذي، ولا يمنح لهم حق القرار، فقد أثبتت مجريات الموسم بالإقالات والاستقالات أن الحاجة ماسة لمنح الفرصة لمن هو كفء بها حتى لا يتم إعادة تشويه صورة الكرة السعودية مجددا ورجالات القانون السعوديين؛ حيث يجب المعرفة القانونية والمعرفة الكروية على حد سواء بوجود جميع الأعضاء الذين يمثلون الجانبين من الناحيتين الاستشارية والتنفيذية". ويؤكد جستنية أن هناك حالات تفاوتت فيها العقوبات رغم أن المخالفة واحدة لكن فهم البعض في كرة القدم ضعيف فتساوت العقوبات في حالات واختلفت في حالات أخرى من قبل لاعبين أو إداريين أو جماهير، وتسبب الأمر في إشكالية وتذمر حيث تم في بعض الأحيان عدم اتخاذ عقوبات لاعتبارات الشخصيات الاجتماعية، وهذا من عدم الإنصاف وغياب العدالة الاجتماعية في المجتمع السعودي". حرمان من حقوق ذكر رئيس نادي الفيصلي فهد المدلج أن الموسم انتهى والأندية تطالب بحقوقها المالية من اتحاد القدم السعودي وحرمانها من استلامها رغم الحاجة الماسة لها، مشددا أنه على رؤساء الأندية في الموسم المقبل رفض نقل مباريات فرقهم إلا بعد معرفة حقوقهم منه وآليتها وموعد صرفها، مقترحا بأن يتولى كل ناد تسويق مباريات فرقه عن طريق قسم التسويق بالنادي ويمنح اتحاد القدم نسبة 20 %. وقال "لم يحدث في أي دوري في العالم أن تهمش حقوق الأندية من مبارياتها مع أن الحقوق موجودة لناقل حصري هو القناة الرياضية السعودية، فمن أين نصرف على الأندية دون أن نستلم حقوقنا المالية التي ندعم بها عمل النادي والإنفاق على الفريق. فالنادي يحتاج إلى إقامة معسكرات واستقطاب مدربين والتعاقد مع لاعبين وتطوير منشآته، ولا يمكن لأعضاء الشرف أن يغدقوا عليه من أموالهم وحدهم بل أيضا لا بد أن تكون له موارد ذاتية". وأكد أن قيمة نقل المباريات لم تصرف للموسمين الماضيين، فيما صرفت حقوق العقد الحصري فقط. وبشكل موجز كان الموسم المنقضي مسرحا للكثير من الأحداث من أبرزها: إقالات واستقالات أبرز حدث هز الشارع الرياضي تمثل في استقالة الأمير نواف بن فيصل من منصبه كرئيس للاتحاد السعودي لكرة القدم بعد إخفاق المنتخب السعودي في التأهل للمرحلة التالية من تصفيات كأس العالم 2014 بالبرازيل. وأقال الاتحاد السعودي لكرة القدم المكلف برئاسة أحمد عيد، رئيس اللجنة القانونية ماجد قاروب من منصبه بعد أيام من ردود فعل غاضبة تجاه قرار لجنة الانضباط بإيقاف رئيس نادي الوحدة السابق جمال تونسي وتغريمه مبلغ 172.500 ألف ريال. خسارة وسحب خسر ناديا الشباب والوحدة قضيتيهما المرفوعتين ضد اتحاد الكرة السعودي إلى المحكمة الدولية الرياضية بلوزان. وسبب سحب نصف مقعد من المقاعد الأربعة للفرق السعودية المشاركة في دوري المحترفين الآسيوي جدلا كبيرا في الوسط الإعلامي. عفو شامل جاء ختام الموسم الرياضي السعودي مسكا بتشريف الملك عبدالله بن عبدالعزيز نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال متزامنا مع مرور سبع سنوات عل مبايعته، ليصدر بهذه المناسبة الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل عفوا شاملا عن كافة الرياضيين في المملكة. وقبل ذلك، كان خادم الحرمين الشريفين وجه باعتماد توسعة ملعب الأمير عبدالله الفيصل بجدة ليستوعب 32 ألف متفرج، وبدء الشروع في بناء إستاد الملك عبدالله الدولي بجدة ل72 ألف متفرج في توجيه سام لمصلحة الرياضة والرياضيين في المملكة. كما حصلت القناة الرياضية السعودية بتوجيه سام على الحقوق الحصرية لجميع مباريات المسابقات المحلية، فأطلقت وزارة الثقافة والإعلام ست قنوات ونجح التلفزيون السعودي في نقل سبع مباريات في وقت واحد من سبع مناطق مختلفة في الجولة قبل الأخيرة من الدوري. ولأول مرة تم تتويج بطل دوري زين للمحترفين في مباراة الأهلي والشباب بشكل مختلف عن المواسم السابقة على أرضية الملعب وليس في المنصة كما جرت العادة، بعد تجربة ناجحة في كأس الأمير فيصل.