منذ صدور لائحة الوظائف التعليمية، وهناك الكثيرُ من الغموض حول بعض مضامينها، وقد رحّبتْ وزارة التعليم مشكورة باقتراحات المعلمين حول اللائحة واستفساراتهم نحوها، وهذا أمر جيد بلا شك، ومما يُطمْئِن أن هذه اللائحة كما صرّحَ وزير الخدمة المدنية في المؤتمر الصحفي، ليست ثابتة وجامدة، بل ستخضع للمراجعة والتطوير المستمر. لا أحد يُنكر أن اللائحة تتمتع بعددٍ من المميزات والإيجابيات، فهي تتضمن سقفًا أعلى من العلاوات والرواتب ومكافآت نهاية الخدمة، كما تختصر للمعلم الجديد عددًا من السنوات حتى يصل إلى الرتبة الأعلى دون التقيّد بمسار واحد طويل، فيستطيع المعلم الجديد أن يختصر المسافات ويطوي الزمن ليصل إلى رتبة «معلم خبير» في 12 سنة فقط، وهذا تحفيز رائع للتطوير والاجتهاد. ومن مميزات اللائحة، أنها أقرّت لقادة المدارس والمشرفين التربويين مكافآت نظير الدور المهم الذي يقومون به، وهذا لا غبار عليه، وهم يستحقون بلا شك، لكن وزير التعليم تحدثَ في المؤتمر الصحفي عن أن الركن الأهم في العملية التعليمية هو «المعلم» وفي مقابل الدور الأهم الذي يقوم به داخل فصله أو خارجه، لم تتضمن اللائحةُ حتى الآن على الأقل أي مكافآت له! ألا يستحق؟. إن اللائحة تسعى إلى تحقيق العدالة في الميدان التعليمي بحيث لا يكون الجميع في كفّة واحدة، بل سيتم التمييز بين المعلم المتميز ومن هو دونه، وهذا ما يُطالب به كثيرٌ من المعلمين لكن الوزارة اختارت لهذا التمييز طريقة واحدة فقط وهي إيقاف العلاوة السنوية عن المُقصّر واستمرارها للمتميز، وهذا في حد ذاته يُمثّل نوعًا من الخطأ في تقدير الموقف، إذ ليس كل همّ المعلم المتميز أن تُوقف علاوة زميله المُقصّر وليس ذلك مدعاةً لتحفيزه نحو التميّز، بل سيكون الموضوع بالنسبة له أشبه بمحاولة النجاة من خطر إيقاف العلاوة وليس السعي لمكافأة نظير هذا التميّز!. لقد مارست اللائحة ما يُمكن تسميته إن صحّ التعبير ب«العدالة الفجّة»، حيث اختارت تسكين جميع المعلمين بمختلف مستوياتهم ومؤهلاتهم وإنجازاتهم ومهامهم في رتبة واحدة من أصل ثلاث رُتب وهي: رتبة «معلم ممارس» ولا أدري لماذا هذا القرار؟ ولماذا لم يستوعب السلّم مُعلمًا واحدًا في رتبتي «متقدّم» و«خبير»؟ هل يُعقل أن الميدان الآن خالٍ تمامًا من المعلمين المتميزين الذي يستحقون هاتين الرتبتين؟ هل هذا القرار الابتدائي يُوحي بما تقوم عليه اللائحة من التمييز بين المُقصّر والمتميز؟. وعلى الرغم من أن اللائحة تقوم على أسس التطوير العلمي والمهني للمعلمين، إلا أنها لم تضع في اعتبارها حملة الشهادات العليا من المعلمين والمعلمات، ولم تُخصص لهم مزايا نظير تطويرهم العلمي والأكاديمي بمواصلتهم الدراسة في تخصصات مطلوبة من قبل الوزارة تقوم بإيفاد المعلمين لها كل سنة نظير احتياجها المستمر. وقد صرّح د. محمد المقبل، المشرف العام على المركز الوطني للتطوير المهني التعليمي، بمضاعفة وزيادة مقاعد إيفاد المعلمين لتطويرهم أكاديميًا وعلميًا، لكن اللائحة الجديدة لم تتحدث عن الشهادات العليا إلا في التعيين فقط، أما المعلمون أصحاب المستوى السادس من حملة الماجستير والدكتوراه، فلم تُعطهم اللائحة أي مزايا أو مكافآت، بل على العكس سيتم تسكينهم على رتبة «معلم ممارس» التي تقل علاوتها عما كان في اللائحة السابقة، وبالتالي سيتضررون من هذا التسكين، مع أن وزير التعليم، أكد أنه لن يتضرر أي معلم من اللائحة بل ستزيد رواتب البعض، وكلنا أمل أن يكون هناك استدراك لهذا الأمر ومعالجة له؛ لأن من درسَ وطورَ من نفسه يستحق بلا شك. وقد وعد وزير التعليم بعددٍ من الأخبار الإيجابية والسارّة في الأيام القليلة القادمة، لذلك أنا على يقين أن هذه اللائحة ستأخذ بعين الاعتبار جميع المقترحات التي تُسهم في تطويرها وملاءمتها للميدان التعليمي بما يُحقق الرضا، وطمأنة المعلمين والمعلمات تجاه مستقبلهم الوظيفي والمهني.