(CNN)-- وجدت وسائل الإعلام الغربية نفسها في قفص الاتهام، بمناسبة انعقاد منتدى فاس الدولي لتحالف الحضارات والتنوع الثقافي، حيث حملها إعلاميون وباحثون، عرب وأوروبيون، مسؤولية الترويج لما يسمى ب "اسلاموفوبيا" واختزال الحضارة الاسلامية في "البرقع" و "ختان البنات". وبينما توجه مشاركون عرب، في المنتدى الذي بحث دور وسائل الاعلام في تحالف الحضارات، بالنقد الى نخبة العالم العربي والاسلامي التي لم تنشئ مؤسسات اعلامية تقدم الصورة الصحيحة عن حضارتها، انخرط مثقفون واعلاميون غربيون في عملية نقد ذاتي آخذت على الإعلام الغربي افتقاده للتوازن والموضوعية في مقاربة قضايا حضارة تتعرض باستمرار لاختزال مشوه. ولاحظ شارل سان برو، مدير مرصد الدراسات السياسية بباريس، أن التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال والاعلام لم يسهل نمو المعرفة المتبادلة بثقافة الآخر، بل أنتج مفارقة "إعلام بتطور أسرع لكن بتواصل أقل" يجتر أفكاره النمطية وأحكامه المسبقة عن الآخر. واستغرب سان برو أن تعبئ وسائل الاعلام الأوروبية والأمريكية طواقمها ونشراتها لتخليد ذكرى سقوط جدار برلين قبل عشرين سنة، في وقت تتجاهل الجدار العازل الذي أقامته اسرائيل ضد الفلسطينيين. وفي السياق ذاته، لم تنف لولا بانون، الصحفية بتلفزيون فالانسيا (اسبانيا)، دور وسائل الاعلام الغربية في صناعة الإنطباعات السلبية عن المجتمع الاسلامي، متحدثة عن الطابع الايدولوجي لمهنة الاعلام، وقالت: "إذ نحن نحكي الأحداث، لكننا نساهم أيضا في بناء تصورات ونجنح غالبا الى تبسيط الأحداث من أجل ملامسة أوسع شرائح المستهلكين، ونقرر ماذا نظهر وماذا نخفي". واعترفت لولا بانون، ذات التجربة الواسعة في تغطية أحداث الشرق الأوسط، بأن الأصوات الأكثر راديكالية وتعصبا في العالم العربي الاسلامي هي الأكثر اجتذابا لاهتمام الاعلام الغربي، لكون خطابها يوفر عنصر الإثارة الذي يلامس أوسع شرائح مستهلكي المنتوج الاعلامي. وقالت إن هذا الاعلام يميل الى تقديم الاسلام السياسي ككتلة واحدة، متجاهلا الاختلافات الكبيرة بين تياراته، واستعداد بعضها لقبول اللعبة الديمقراطية والحوار مع الغرب.