كتب ناصر عبد الرحمن الشهري مدير التحرير في صحيفة البلاد السعودية التي تتخذ من جدة مقرا لها ، امس مقالا عن السينما قال فيه انه روج للسينما في جنوب السعودية وهو موظف حكومي ، بهدف بث الوعي عن الارشاد الزراعي وغيره ، وان بلدان في منطقة الجنوب قد تقدمت بشكاوى من عدم عرض الافلام في بلداتهم . وتساءل في ختام مقاله ان كان ما اقدم عليه قبل اربعة عقود عملا شيطانيا ، وطلب الافادة عن الكفارة التي يمكن ان يقوم بها ومما قال الشهري : تعاملت مع العمل السينمائي بل روجت له من خلال عرض عدة أفلام في أكثر من مكان في جنوب المملكة. وأعترف أيضاً أنني كنت أطوف بالمايكرفون من نافذة سيارة رسمية يقودها سائق رسمي وأدعو المواطنين إلى حضور العرض الذي كان يبدأ بعد صلاة العشاء في كل منطقة وقرية أتواجد فيها لعرض السينما وبتكليف رسمي تقاضيت عليه انتدابا. كان ذلك قبل أكثر من 35 عامًا عندما قررنا مجموعة من المهتمين بالنشاط الاجتماعي والثقافي وتنمية الوعي بالثروة الزراعية أن نقوم بحملة لهذا الهدف في عدد من مدن وقرى منطقة عسير. وقد وجدنا يومها دعمًا من مدير عام الشؤون الزراعية في المنطقة المهندس عبد الرحمن الفوزان الذي وفر لنا إمكانيات الحملة بما في ذلك تزويدنا بأفلام سينمائية تم طلبها من إدارة الإرشاد بالوزارة ومعها "مكنة" العرض "البيروجكتر" في حين قام أخي الأستاذ محمد بن عبد الوهاب أبو ملحة بتشكيل أعضاء الحملة برئاسته وكان من أولئك الأعضاء المهندس الزراعي وأخصائيون في التربة الزراعية ومكافحة أمراض المزروعات وآخرون في مجال الثروة الحيوانية وأطباء بيطريون. في حين كان دوري هو الإشراف الثقافي والقيام بتشغيل وعرض الأفلام السينمائية والتعليق عليها. وأذكر أننا كلما وصلنا إلى منطقة نقوم أولاً بزيارة أميرها ونشرح له هدف حملتنا، حيث يقوم الأمير بإبلاغ شيوخ العشائر والنواب بهذه المهمة ويدعوهم لإبلاغ المواطنين بالحضور في الموعد المحدد، وبعد صلاة العصر أقوم مع السائق بالتجول بالمايكرفون المحمول للترويج للحملة وأدعوهم لمشاهدة العرض السينمائي في المكان الذي يكون قد تم اختياره، وعادة ما يكون السوق الرئيسي للمنطقة الذي أبدأ فيه بإلقاء كلمة أشرح فيها الهدف من الحملة. ومازلت أذكر ذلك الحضور الجماهيري الكبير للرجال والنساء الذين شاهدوا الشاشة للمرة الأولى حيث لم يكن قد وصل البث التلفزيوني إلى المنطقة في ذلك التاريخ كانت الأفلام المترجمة تروي التجربة اليابانية في إقامة الجمعيات التعاونية وتأثيرها في تنمية المجتمع، وكيفية الزراعة الحديثة ثم المحافظة عليها من خلال استخدام ما يعرف ببرنامج وقاية المزروعات باستخدام المبيدات الحشرية، وأفلام أيضًا عن الثروة الحيوانية واللجوء إلى الطب البيطري، وهي التجربة التي تروي قصة خروج اليابان من وضعها الاقتصادي المتردي إلى عالم الصناعة والإنتاج وتحقيق مستوى اجتماعي متقدم، وكنت بعد نهاية عرض كل فيلم أعطي المايكرفون للخبير الزراعي المختص الذي يتحدث عن مجال اختصاصه. لقد كانت تجربة أقول: هل كان كل هذا عملا شيطانيًّا؟ وإذا كانت الإجابة ب "نعم" فهل أنا ارتكبت محرمًا بعرضي لتلك الأفلام السينمائية التي تحدثت عنها؟ وما هي (الكفارة) المطلوبة مني ومن زملائي الذين شاركوني تلك الحملة؟ المقال في الوكاد نقلا عن البلاد السعودية