أوضحت وارسو لواشنطن بشكل قاطع، أنه إذا لم تراع كافة الرغبات البولندية في المفاوضات المتعلقة بالدرع الصاروخي، فأن بولندا ستبدأ بكشف الأسرار الأمريكية. وكان تصريح نائب وزير الخارجية البولندي فيتولد فاشيكوفسكي مقتضبا، ولكن ما قاله كان كافيا لإثارة ضجة دبلوماسية كبيرة. ويوجد سيناريوهان اثنان لنهاية تلك الضجة: أما أن يوافق الرئيس الأمريكي جورج بوش على مطالبة وارسو بالدفع بسخاء عن إمكانية نشر الصواريخ الأمريكية في إطار موقع الدرع الصاروخي، وأما أن يتخلى البيت الأبيض عن بولندا، ويواصل التفاوض مع البلد الآخر الذي جرى ذكره في تصريح فاشيكوفسكي. وقال نائب وزير الخارجية البولندي: "بوسعي تأكيد أن الولاياتالمتحدة تجري مفاوضات مع ليتوانيا. وعرض هذا وزير دفاع ليتوانيا نفسه في مايو، وأن الجانب البولندي على علم بهذا". فقبل شهر أعلن وزير الدفاع الليتواني يوزاس أوليكاس، أن ليتوانيا تود نشر عناصر من الدرع الصاروخي في أراضيها على غرار بولندا وتشيكيا. إلا أنه لم يصدر حتى الوقت الحاضر أي تصريح رسمي حول إجراء مفاوضات. وأغلب الظن أن هذا كان سرا من أسرار البيت الأبيض. وبعد هذا تعين على توم كيسي الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إقناع جميع الأطراف المعنية بأن نائب وزير الخارجية البولندي لم يكشف أي أسرار. وأعلن أن قيادته تنظر في إمكانية نشر عناصر من الدرع الصاروخي في ليتوانيا. ومن ثم أعلن جيف موريل، ناطق باسم البنتاغون أمام الصحفيين فجأة، أن المفاوضات مع بولندا تقترب في الحقيقة من ختامها الناجح. هذا وأن الاتفاق المحتمل مع ليتوانيا على نشر صواريخ أمريكية في أراضيها سيعقد المفاوضات الروسية الأمريكية أكثر. أولا لأن واشنطن لم تطلع موسكو على خططها هذه رسميا. وثانيا لأن وقت وصول الصواريخ التي قد تطلق من الأراضي الليتوانية إلى موسكو سيكون قصيرا جدا.