يبدو السؤال الدارج المكرر الدائم «أين إعلامنا من الذين جاءوا بنجاحات لافتة وسبقٍ يشار له بالبنان؟» بمثابة السؤال المنطقي الذي نقف حائرين أمام إجابته أو مقصرين بمعنى دقيق، ولعل هذا التقصير مر بشكل هادئ وبلا تدقيق في جوانب الإيجاب التي نجنيها من تسليط الضوء على الناجحين والمبدعين والمتألقين في مجالات عدة، وما أكثر ما نتداول الأسطر الخجولة من منابر أخرى عن تفوق سعودي بالغ الإبهار في النطاق العلمي بالتحديد، وهو النطاق الذي نراهن عليه ونسعى إليه ونلمس الضوء المبهر من خلاله، النجاحات طعمها مختلف، والتفوق لا مثيل له ومن يرفع اسم بلدنا خفاقاً لا يجدر بنا إلا أن نحفظ اسمه جيداً ونقدمه للجيل المتعطش لمن يتربع على منصات التتويج ويحقق النبوغ والتميز. يدور الحديث عن جملة «إعلامنا وقاماتنا» كمدخل للحكاية عن محيط التقصير، وقد نتوقف عند مفردة القامات ونمضي إليها من زاوية أن القامة تمثل صاحب المشوار الحافل بالعطاء والانجازات المتلاحقة، ومن أمضى عمره يتنقل من تفوق لآخر ومن قفزة لأختها، وحتى وإن كان السياق في هذا المربع فهناك من هم بهذا الحضور ومغيبون إلا في اللحظات الأخيرة حين يفتك بهم مرض أو يخطفهم الموت، فتسعفنا حينها الذاكرة حين كنا فيما سبق منشغلين عنهم بمن هو أقل، وبالذين لم يقدموا شيئاً سوى العبث بالعقول وإضاعة الوقت وتعبئة الجيل بما لا فائدة ولا طائل منه. لو قمنا برصد المنجز السعودي على يد أبناء الوطن لخرجنا بقائمة مشرفة تحصد الإعجاب وتنال الثقة وتقدم السعودي كما يجب أن يقدم على مستوى الفعل والمثابرة والوعي والنجاح والتميز، وتخلق فينا نضجاً آخر وطموحاً مستمراً وحرصاً على أن تكون المسيرة - لمن نرعاهم بين أيدينا - على ذات الهدف والمنوال، ونعزز كذلك من قيمة المبدعين والقدرات الحقيقية المدهشة ومن تسهم في إسعادنا وإيصال رسائلنا السامية وصوتنا الصريح الواضح.مبدعون كثر ومبهرون في شتى المجالات لا بد أن نصنع لهم منصة وطنية كلٌ فيما نبغ وأبهر فيه، ولو كان لي من الأمر شيء لفصلت هذه المنصة عن منصة الرياضة، لا لشيء لكن النجاح الرياضي يحاط في أغلب مجرياته باهتمام كافٍ وإن كان أيضاً يختلف من مساحة لأخرى، التفوق العلمي والنبوغ المهني هما المربعان الواجب التركيز عليهما وأن يقوم الإعلام بدوره تجاههما من خلال الإبراز وتسليط الضوء واستعراض السيرة وخطوات الوصول والتصدر، مثل هؤلاء أهلٌ لأن نقول عنهم كلاماً عظيماً، نحفظ أسماءهم، نصدرهم كقدوات، نرعى طموحاتهم ونرسم لنجاحاتهم الألق والفخر، مثلهم ليسوا للإهمال ولا للتجاهل وغض الطرف عنهم، من نحن مشغولون بهم في وسائل التواصل الاجتماعي وتأمل حماقاتهم وعبثهم لا يعول عليهم كثيراً ولا يمكن أن نتفاءل بالقادم بهم ومعهم ونحن نقع نحن تأثير فوضاهم وصراخهم وطرحهم الذي لا يثمر ولا يعرف طريقاً للنجاح الحقيقي لا الوهمي. نقلا عن الحياة السعودية