على رغم ما يتردد في المجتمع؛ أننا نعيش حالاً من الترقب الاقتصادي السلبي، لأسباب متعددة، فإن «حزم الحقائب» والسفر سياحياً مستمر مع هذه «الإجازة الطويلة»، التي يقطعها بعضنا في رحلات السفر شرقاً وغرباً. ويأتي التساؤل؛ أين هي الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها؟ ولكن عندما تصل إلى مرحلة السفر إلى الخارج تأتي الأموال ب«قدرة قادر». الخوف - كما سمعت من بعض الأصدقاء، وبخاصة العائلات - أنهم بدأوا يلجأون إلى الاقتراض من المصارف كي يحققوا رغبتهم في الترفيه، لهم ولأطفالهم، في أجواء يتمتعون فيها بالتنفس والحركة من دون رقيب، ممن يظنون أنهم حراس الفضيلة، التي أتمنى أن تنتهي في مجتمعنا، وأعتقد أن احترام وتشريع قوانين تحمي الحريات الشخصية هي مفتاح سياحتنا الداخلية، على رغم محاججة بعضنا، ومنهم بعض الجهات الرسمية، أن كل البيئة التحتية في القطاع السياحي تضاهي الدول المجاورة، ولكن يبدو أن مسألة العزل الاجتماعي التي تمارس في مجتمعنا سبب مسكوت عنه، فكثير منا عندما يسافرون إلى دول مجاورة لا يطرقون أو يتصرفون بطرق تخدش الحياء أو تخالف الدين، وهذه على العموم حال يجب أن يلتزم بها الفرد بقناعته الذاتية، وليس هناك حاجة إلى أن يطارد سراً وجهراً في الداخل، ومثل هذا الوضع خلق حالاً من الانفصام في شخصيتنا، في محاولة أن نظهر ونتصرف بطريقة «مدجنة» للأسف. لا شك أن هناك جماعة، باسم الدين، وصوتها مرتفع جداً، ولها منابرها الإعلامية التقليدية ورموزها، على صلة بمواقع التواصل الاجتماعي، تهلل وتكبر من الخوف من انفلات وتفسخ المجتمع، وكأنها وصية عليه، والغريب أننا نتابع هذه الرموز تغرد وتبعث بمقاطع الفيديو وهي تقضي إجازاتها في العواصم الغربية والشرقية، وقد تصف تلك المجتمعات بالكافرة والمتآمرة علينا. الإشكال أن متابعيهم بالملايين، ويتفاعلون معهم، ولكنهم لم يسألوهم لماذا تركتم «ربوع بلادكم» التي تنادون لقضاء الإجازات فيها، لكنه إشكال تقديس بعضنا لهؤلاء بحسب مظهرهم الخارجي. للأسف العقول مغيبة. لا شك أن بلادنا من أكثر البلاد تنوعاً من حيث الثقافات المختلفة، والعوامل الجغرافية من جبال وسواحل خلابة وصحاري جميلة لا تقل عما يوجد في بعض الدول المجاورة شمالاً وغرباً، إلا أن مواقعنا الأثرية خاوية على عروشها، ولا يطرقها إلا الأجانب الذين يأتون من كل بقاع الأرض، على رغم الأسعار المرتفعة لهذه الرحلات، ولكن والمهم هو المواطن الذي لا يبدو أنه يبحث عنها، إنه يريد أن يعيش لحظات مع عائلته وأصدقائه وذاته بشكل طبيعي، بعيداً عن الزيف والمضايقة ممن يعتقدون أنهم وكلاء الله في أرضه. مع برنامج «الرؤية» المعلن هناك تركيز على صناعة الترفيه في بلادنا، إذ تم إعلان إنشاء هيئة عامة للترفيه، وهناك وفود منا تناقش وتوقع الاتفاقات مع شركات عالمية تعنى بصناعة الترفيه، ولكن باعتقادي أننا علينا العمل في تغير ثقافة احترام الآخر وقبوله، وكل مسؤول عن تصرفاته إذا لم يكسر القوانين، وليس العرف الاجتماعي المتشابك مع التفسير الضيق للدين، في هذه الحال نستطيع أن نذهب إلى مطاعم أو أماكن ترفيهية مفتوحة وليست مغلقة لا ترى فيها إلا من كان معك في منزلك. نقلا عن الحياة اللندنية