عندما نعد السيرة الذاتية باحثين عن عمل، تجدنا بعد التعريف بأنفسنا ومؤهلاتنا العلمية والعملية، نستعرض بطموحاتنا فنتغنى بطموحات البحث والأماني عن عمل نستطيع خلاله تطوير أنفسنا، معتقدين أن صاحب العمل أو المسؤول عن التوظيف سينبهر بطموحاتنا متناسين أمرين مهمين: "1" ما الذي يؤهلنا لهذه الوظيفة؟ "2" ماذا سنقدم لهذه الوظيفة، وماذا سنضيف للعمل، وأين سنصل به؟ الوظائف المهمة والحساسة، سواء كانت وظيفة لوزير أو وكيل أو مدير أو رئيس، تلعب دورا كبيرا في نجاح الأعمال، واستخدام معايير ذات جدوى لتعيين الكفاءات هو الحد الأدنى الذي يجب أن نتقيد به عند تعيين المسؤول. هناك معايير شخصية، وقدرات طبيعية لكل منا، فعند البحث عن مسؤول ليشغل وظيفة، يجب أن ننظر إلى شخصية المرشح، وهناك اختبارات كثيرة، أهمها MBTI، وهو اختبار يحدد الوظائف المناسبة لكل شخص، ويحدد أيضا الشخصيات المناسبة لكل وظيفة. فمثلا، طبيب الأطفال شخصية مختلفة عن طبيب الطوارئ، وطبيب القلب شخصية ثالثة، فببساطة طبيب الأطفال يجب أن يكون شخصية تجيد التعامل مع الأطفال، وطبيب القلب يجب أن يكون دقيقا وحذرا وممنهجا، أما طبيب الطوارئ فيجب أن يكون مقداما وجريئا وسريع البديهة، ولكنه أيضا غير متهور. هذا الاختبار موجود بعدة أنواع، وله تفاصيل طويلة، والرسالة هنا أن الشخصية المناسبة لوزير تعليم تختلف عن وزير مالية وتختلف كليا عن وزير للشؤون الاجتماعية. طبعا هذا فقط من الجانب النفسي والشخصي. ننتقل بعد المؤهلات ونوعية الشخصية إلى التأهيل الإداري، فهناك اختبارات مثل MAC وSAC وغيرها من اختبارات توضح القوة الإدارية للشخص، ممثلة في مهارات مثل صناعة القرار وإدارة التغيير والتفكير الإستراتيجي والتفكير التحليلي والتفكير الإبداعي، ومهارة التفاوض ومهارة القيادة ومهارة الاتصال والتواصل وغيرها الكثير. أيضا، هناك اختبارات تخصصية، مثلا للمحاسبة يوجد اختبارات تأهيل مثل CPA، وللمالية CFA، وللمشاريع هناك اختبار PMP، وغيرها الكثير من الاختبارات التي نحتاج إليها كحد أدنى. بالنسبة للمراكز العليا كالوزارات ووكلائها والرؤساء التنفيذيين، يفترض في السيرة الذاتية أن تكون ملفا شخصيا يحوي "مثلا" 60 صفحة يتحدث فيها الشخص عن نفسه في الصفحات الخمس الأولى، ثم يتحدث في بقية الصفحات الستين عن تصوراته للوظيفة، معرفا تحدياتها المباشرة وغير المباشرة والأهداف التي يراها مناسبة، وتصوره للوضع بعد أن يتم تعيينه، ويتحدث بها أيضا عن الأعمال المتعلقة بها. فمثلا لو أن الشخص رشح نفسه لوظيفة وزير للإسكان -مثلا- يجب أن يتحدث فيما لا يقل عن 50 صفحة عن وضع الإسكان ومشاريعه وتحدياته والعوائق والحلول وجميع المتعلقات، وكيف سيواجه العوائق، وأيضا يتحدث عن طريقة التعامل مع الوزارات الأخرى، والمهم أن يكون ملفه الشخصي ومحتوياته مقنعة للمسؤولين. ويزداد الوضع لو كان المرشح لوظيفة وزير للنفط أو وزير للصحة والبلديات. يزداد الوضع تعقيدا كلما كانت التحديات أكثر، ويتطلب ذلك ملفات مقنعة. تعرض هذه الملفات على لجان خارجية بعد حجب الأسماء والدلائل على الشخص، فقط القسم الأخير -التحديات ومواجهاتها والأهداف والمبادرات لتحقيق الأهداف- وتحلل هذه اللجان الملفات وتحدد الملفات ذات الكفاءات العالية، وهذا يسهل المهمة للجان العليا التي تطّلع على توصيات اللجنة الأولى، وأيضا تطّلع على بقية الملف، ثم تجري مقابلات شخصية، وتكون بمثابة دراسات حالة قد تستغرق ساعات "مثلا يطلب من المرشح لوزارة البلديات أن يعمل دراسة حالة مبسطة لوضع غرق السيول"، وبعد الانتهاء تصنف الملفات وترفع إلى صناع القرار الذين يجرون دراسات على الملفات المرفوعة، ويعملون مقابلات شخصية واختبارات دراسات حالة مماثلة وقد تكون شفوية، وبعد هذا المشوار الطويل تكون التعيينات الأقرب للمطلوب والأفضل. على الجهات المعنية بالتوظيف، الاستناد إلى معايير أساسية تستخدمها الدول المتقدمة للتعيينات، فالمملكة في أمس الحاجة إلى اختيار الأفضل، وليس لديها مزيد من الوقت للتجارب وإعطاء الفرص بناء على آليات قديمة وتوصيات أو ربما توريث للوظائف، فالعمل في الوزارة والوصول إلى مرتبة وكيل وزارة لا يعني التأهيل لمنصب وزير. الكلام ينطبق على وظائف الوزراء والوكلاء والنواب ومديري المرور والجوازات والدفاع المدني وغيرها، العالم تطور، ويجب أن نواكب التغيرات. نقلا عن الوظن السعودية