شكرا سيدي سلمان من روح اخي أمجد رحمه الله ولقد ذكرتك.... في بعض المواقف التي تمر علينا ونعيشها في ذات اللحظة دائما ما تكون هنالك صور ترسم في اذهاننا وذكريات نستحضرها لتسيطر على داخلنا, ليس الكثير منا من يبوح بمكنونات وجدانه في هذه اللحظات, الحمد لله الذي اعطانا الكثير ومنَ علينا بنعمه التي لا تحصى ولا تعد, لكن يبقى الفقد ويبقى الرحيل اكثر تلك المواقف والاحداث التي تحفر نفسها على جدران قلوبنا وتؤطر شبابيك ارواحنا, على كل ميت نحزن ولكل ميت ندعو بالرحمة لكن الاحب الى قلوبنا هم من تبقى العين في شوق لهم دائم والى لقياهم اماني واحلام, هنا ياتي الايمان بالله وقضائه وقدره ومن آمن به واحبه وسار على طريق نيل مرضاته فكل قدره وقضائه خير باذنه تعالى. حين كان عنترة العبسي في خضم الحروب والقتال والدماء حوله تسيل كان يعيش لحظات مع نفسه ونفس عبلة التي عشقها وهواها، كان يفصل بين وجدانه وبين واقعه وتجلت هذه العاطفة في قلبه حين خاطب عبلة وهو معتلي لصهوة جوداه يحارب اعدائه قائلا: ولقد ذكرتك والرماح مني نواهل وبيض الهند تقطر من دمي و وددت تقبيل السيوف لانها لمعت كبارق ثغرك المتبسم هكذا حالي معك يا اخي أبو سليمان كعنترة في شديد اللحظات يتذكر من احب قلبه, وحين رحلت يا صديقي ورفيق دربي واخي في تلك اللحظة لم اتمالك نفسي الا ان تذكرت كل جميل وكل رائع عشناه سويا وكل درب محبة وخير مررنا به, تذكرت عنترة وكيف في هذا الفارس الصنديد عاشق ولهان, واني في الله اعشقك رحمك الله بكل ما كنت فيه وعليه, كنا ننتصر لبعضنا البعض حين نصيب وحين نخطئ, كنت خير من مثل لي المقولة الرائعة:" يا تخاويني على الخير والشر ولا السلامة منك ازين", كنت الصوت الذي يصحي الضمير كما كنت لك, جميل محبتنا اننا كنا بشر نختلف لا نتخالف ونتفق على ان الغد دائما بتوفيق الله افضل ان كانت النية سليمة. لولا الايمان بالله عز وجل ما قدر احدنا على تحمل لحظات الفراق والوداع, تفطر القلوب وتراود النفس على خبثها بالجزع, مات محمدا فمن كان يؤمن بالله فان الله حي لا يموت, لهذا نقول للايمان انه حلاوة الروح وغذائها, قبل رحيلك يا امجد لم يكن الموت يصرح به بيننا الا ترحم على من رحل, لم نكن نعلم انه يتسلل بيننا وان الامر صدر وان التنفيذ له موعده الذي لا يتقم ولا يتأخر, وان توارى تحت الثرى غاب عني عنترة وتهيأت نفسي للصراخ لكنها الدنيا التي نعيشها وذلك التراب الذي يداعب كفنك الطاهر الذي ينهمر كحبات ندى من ورق الاشجار وعينه علينا ان مني اتيتم والي تعودون. تذكرت سيدي سلمان حفظه الله الانسان وهو يواري اخاه ابومتعب التراب والوجه على احزم الرجال واشجعهم حزين مسلما امره لربه وخالقه, تذكرت سيدي سلمان العطوف الذي قبل رحيلك يا امجد بايام تشرفت بالسلام عليه وكنت احلم بهذا اللقاء لاعرض على مولاي امر يشغلني لكن معاناتك مع مرضك جعلني انسى كل شي واخبرته عنك وعن مرضك الذي لم يمهلك بيننا الا بضعة اسابيع لا اكثر, قلت له سيدي ابا فهد اخي اخي, فقال ابشر بكل ما نقدر عليه فكانت مكرمته الفورية بامره حفظه الله لعلاجك وعلى نفقته الخاصة اينما كان الامل موجود, اخي اخي يا ابا فهد فكانت كلمة الاخ لديه توافق ما جبل عليه سلمان وما هيأه الله له من قدر كتب عليه كما كتب لنا فشكرا سيدي سلمان من روح اخي امجد ومن ابنائه ومني ومن اخوتي ومن كل محبين اخي ابو سليمان, فقدتك يا امجد وكادت لولا رحمة ربي النفس لتجزع, وكم من اخ فقدت يا سلمان وفي كل فقد تزداد في الايمان وانت تحمل الامانة فكنت الحزم وسيد العزم, وشاء الله لك ان تؤجر على رحيل امجد حين اختاره المولى لجواره فجزاك الله عنا كل خير فهذه الزاد التي تتزود ليوم كلنا نقف فيه بين يدي حكم عدل لا يظلم عنده احد. كنت اظن القلم حين بدأ الكلام عنك يا امجد لن يتوقف وان العبارات لن تخذلني و والله ما خذلتني, لكني بين كل حرف وحرف احمد الله واشكره, بين كل عبارة وعبارة اناظر الناس اللذين يسيرون وكلنا معهم لك لاحقون, كيف نكتب عن الفقد والرحيل وكلنا على فقد وعلى رحيل, كيف نقول لك شوقا وكلنا منذ ولدنا مشتاقون, انت الان عند ربك الذي اخبرنا أنا اليه راجعون, رحمك الله ايها الانسان والاخ ويبقى صوتك ومكانك وحضورك بين مقلتي وفي كل صمت وكل سكون اسرقه من هذه الدنيا لاجلس معك, هي يوم او بعض يوم ونلتقي, نعم جميل الموت انه كلنا له سائرون, دون جزع ودون يأس نعيش لنموت ونموت لنحيا ونحيا برحمة ربنا لا سواها. د طلال الحربي