عادة ما تتشكل الطائفة الدينية على (فكرة أيدولوجية)، ما يجعلها حصنا غير قابل للاقتحام، وغير قابل للخروج منه، فالداخل إليه (مكبل) والخارج منه (مقتول)، هكذا هي الطوائف، إما أن تكون (ترسا) يخدم أهدافها وتدين بالولاء لرهبانها ومرجعياتها أو فدمك مهدور ومصالحك متكسرة، وسمعتك في الوحل. الطائفة الدينية تحديدا، هي التي تستخدم السياسة، وليست السياسة التي تستخدمها كما هو شائع، فعمقها الاجتماعي يمكنها من أن تكون صاحبة القرار وليس السياسي، فالسياسي يستمد قوته من الطائفة، فالذي يثير القلاقل الطائفية، هم (الطائفيون) ذاتهم، فهم يبحثون عن عدو إن لم يجدوا من يقاتلونه. الطوائف الدينية تتحرك في الواجهة بمقاييس (عقدية) بينما وجهها الآخر سياسي بحت، فهي التي تصفك بأوصاف عقائدية مثل: زنديق، الشيطان الأكبر، رغم أن الخلاف معها خلاف سياسي أو اجتماعي أو علمي، فتغيير إطار المعنى إلى كل ما هو عقدي أيا كان موضوع الخلاف هو سمة و(حركة) عقدية لنفيك خارج دائرة الإسلام ليسهل اصطيادك من عامة المجتمع. الصراع السني/ الشيعي يدخل في هذه الدائرة، لا يقبلون النقد، ويثورون لأي زوبعة طائفية، ويقصون مخاليفهم، ويصفونهم بأوصاف عقدية، وكفرية. أما الصراعات (البينية) التي عادة ما تثور بين فينة وأخرى بينهم فإنها تهدف إلى تعزيز حضورهم على الساحة، وتجعل قياداتهم أكثر شهرة وأهمية ومكانة. تشكل الآن جيل كامل المواصفات، وذلك بعد أكثر من عقد من الزمان (35 سنة) على بدايات الصحوة الإسلامية (سنية/ شيعية)، هذا الجيل الجديد يختلف جذريا عن جيل الثمانينات الذي استجاب للصحوة استجابة لاهثة، واختلافه يكمن في أنه جيل يحمل (أدوات نقدية) واعية، جيل مختلف يمكن أن نطلق عليه (جيل الأسئلة)، يرى أن من حقه أن يختلف وليس من حق أحد عليه أن يجبره على الأفكار البشرية المقدسة. ظهور هذا الجيل يؤكده تغير مسارات دعاة الصحوة فكرا وسلوكا وحديثا عما كان يطرحونه خلال السنوات الثلاثين الماضية بما يتوافق مع النفس الجديد للجيل الجديد، ما جعلهم فرصة للتعريض بهم من طائفتهم بالشكل الذي لا يغيب عن فطنة المتابع لهذا النوع من الحراك . ثمة نتيجة تتشكل، في أن الوعي الاجتماعي بدأ يأخذ وضعا أفضل من السابق، تلخصه معادلة (الثراء المعرفي) مقابل (الحكايات الماضوية) بعيدا عن المزايدات الدينية المفتعلة، وهو جيل يمكن أن تراهن عليه في بناء الحضارات على أساس الأخلاق الدينية الحقة نقلا عن الجزيرة