بشكل ما، تم تصنيف النساء في واقعنا الاجتماعي إلى ليبراليات ودعويات وبينهن فريق من ذاك وذاك، لكن الأكيد أن داخل التشكيل الثقافي، إعلاميا كان أم ثقافيا، وأيا كان، هناك نموذج ثالث، فإنه لابد أن يندرج تحت أحد هذين القطبين - وفيما تجد النساء الدعويات الاحترام والتقدير الكبيرين، نجد في المقابل أن الأخريات لا يحظين بتقدير عال ويواجهن الكثير من الانتقادات ويعاملن على أنهن مروجات للفكر الغربي وفي حالات كثيرة بأنهن - غير مؤمنات. وتبرز هذه المفارقات داخل المجتمع النسائي كرد فعل لأزمة الحداثة التي يعيشها المجتمع السعودي بشكل خاص وهي لا تقتصر على المجتمع النسائي بل المجتمع بكل أطيافه مما خلق الاغتراب الحقيقي والقاسي داخل المجتمعات النسائية. لست هنا أميل إلى أي من التوجهين بل أحاول نقد تفاصيل الصورة عن قرب وتفكيكها وتوضيح مدى تأثيرها على النساء والحديث عن معاناتهن الخاصة والأدوار المختلفة التي فرضها كل من التيارين عليهن لكونهن نساء. أيضا، لست بصدد الحديث عن الأساس الديني فكلهن مؤمنات مسلمات بالتأكيد، إنما تختلف رؤيتهن لمنظومة القيم الاجتماعية والثقافية والتربوية. وتبعا لهذا اختلفت الطرق في التصدي لكل المشكلات التي تواجههن الاجتماعية والثقافية على حد سواء بحيث أصبحت المرأة ضحيتها أولا وأخيرا. إن النساء اللاتي تم تعريفهن على أنهن دعويات تتم حركتهن ضمن إطار متاح بشكل كبير تماشيا مع التصورات الاجتماعية والثقافية والمفهوم الديني وبالتالي ليس لديهن أي مشكلة مع المسميات إن كان المسمى دعويات، بعكس الليبراليات ذوات التوجه الآخر وهن اللواتي يتجهن إلى ترسيخ وبث خطاباتهن خارج أي أطر ويرين تأسيسه داخل خطاب حقوق الإنسان الدولية إذ يواجهن الكثير من الصعوبات الاجتماعية الكبيرة. نجح هذا الفصل في المسميات والأدوار وزاوية النظرة لكل من الطرفين إلى حد كبير في تشكيل جبهتين داخل المجتمع النسوي ومن ثم دفع بهن أن يهزم الطرفان نفسهما بنفسهما عوضا عن أن يناضل الطرفان كلاهما لتحقيق التنوير بقضاياهن مما دفع بالنساء إلى الاغتراب داخل منظومتهن الثقافية والفكرية على كافة المستويات. ومن هنا انقسم التشكل النسائي في مجتمعنا إلى نموذجين من خلال مركزيته المعرفية المستقاة من أبوة التيار وأبوة التوجه والتي خلقت نموذجين شديدي التعقيد من النساء في المجتمع وهن الدعويات والليبراليات وأصبح وفقا لهذا تناول قضايا الاختلاف الثقافي والاجتماعي في غاية الحساسية بل قابلا للاشتعال. وفي نهاية المطاف، فإن هذه الانقسامات لا شك لم تترك للنساء مجالا لتسهم المرأة إسهاما فاعلا في تطوير وتغيير المفاهيم المعيقة لها أو خلق مستويات مختلفة من الوعي لديهن باستثناء أن هذه السياقات تؤدي دورا في تكريس السيطرة الاجتماعية من خلال إعادة خلق التقسيمات داخل المجتمع الواحد. نقلا عن الوطن السعودية