تخيّل – زميلي الأستاذ الجامعي – أنك ذهبت للجامعة صباح اليوم السبت نشطا ومتحمساً لإلقاء دروسك على طلابك ومشاركتهم التجارب في معملهم ومن ثم ستذهب بعد الظهرإلى معملك لإكمال تجربة بحثية بدأتها منذ أشهر: وحين وصلت فوجئت أن مسئول قاعة الدرس لم يحضر والباب مغلق وبعد جُهد فتحه أحدهم لك، ولكنك صُدمت أن جهاز العرض لايمكن استخدامه ولا الحاسوب المرافق له لأن الفني لم يحضر قبلك ويجهز قاعة الدرس، وحين أنهيت درسك (كيفما اتفق)، ذهبت إلى معمل التدريس فلم تجد تجاربك قد تم تجهيزها- كما هي العادة - وكُلّ فنيي المعمل والمساعدين أعطوا أنفسهم إجازة مفتوحة! , فاضطررت لصرف الطلاب وتأجيل الدرس العملي وفضلت أن تقضي نهارك في معمل أبحاثك الخاص، ولكنك وجدت فئران تجارب أبحاثك ميتة والباحث المساعد والفنيون غير موجودين, حينها أصابك شيء من الإحباط وقررت الذهاب إلى المكتبة فوجدت أنّ موظفي وفنيي المكتبة قد اختفوا اليوم جميعا!! .ذهبت إلى عميد الكلية مغضبا لتشكو له الحال فوجدت مدير مكتبه لم يحضر وأبواب العميد مغلقة !!. ياسادة هؤلاء هم الكوادر الفنية والإدارية المساندة بالجامعات لم ولن يفعلوا ذلك أبداً ، رجال ونساء يعملون في الخفاء, هم في الحقيقة المحرك الأساسي للعملية التعليمية والبحثية بالجامعات وأحد أهم الضمانات الرئيسية لنجاحها. يُنظّم أوضاع أعضاء هيئة التدريس بالجامعات كادر واضح يحتكمون ويحاكمون إليه، كما ينظم أوضاع إداريي الجامعات أنظمة وزارة الخدمة المدنية. أما الكوادر المساندة في الجامعات فلا ينتمون لأي من الفئتين! فهم يُطلب منهم أن يشاركوا في العملية التعليمية والبحثية ويمضون الساعات الطوال في ذلك, كما يفعل أعضاء هيئة التدريس بل وأكثر. لكنهم يعاملون إداريا وماليا كموظفين حسب أنظمة وزارة الخدمة المدنية، وفي هذا إجحاف كبير في حقوقهم. لذلك فلا نستغرب أن يعانوا من الإحباط، وأن تكون اللامبالاة ديدنهم، والبحث عن البديل لوظائفهم هدفهم ومبتغاهم. ومما يزيد أوضاعهم ضبابية وإحباطاً، أنه لاينتظم معظهم برامج تدريبية ولا مايسمى ب Staff Development Programs والتي يستفيد منها منسوبو الجامعات، ومما يؤسف له أن غالبية الجامعات تعتمد على مجموعة من الكوادر المساندة المدرّبة (غيرالسعودية) لتسيير العمل، بينما تحتفظ بالكوادر السعودية المساندة مهمشة وغير فعالة، بل ومحبطة. لذلك بدلا من أن نتهم هذه الفئة من الزملاء بالكسل واللامسئولية،فإنه لزام علينا - إدراكا لأهميتهم - أن نضع الخطط لدعمهم مهنيا وإداريا وتدريبهم تدريباً متخصصاً يلبي الاحتياجات المرجوة منهم وأن نضع الحوافز الحقيقية لهم، ثم بعد ذلك نحاسبهم . قرأت دراسة لكتاب Developing Support and Allied Staff in Higher Education للكاتبJohn Doidge الذي سيصدر في سبتمبر القادم، وهو يعكس اهتمام الجامعات الغربية في تطوير الكوادر الجامعية المساندة علميا وماليا، ويؤكد على أن الاهتمام بهذه الكوادر من أساسيات تقدم الجامعات بحثيا وعلميا. إن الكوادر المساندة بالجامعات يجب أن تأخذ وضعها الطبيعي الذي تستحقه والذي يجب أن تكون عليه، وأملي أن يتم الاهتمام بهم وضمان حقوقهم التدريبية والإدارية والمالية من خلال رؤية استراتيجية بحيث تضع وزارة التعليم العالي كادرا مستقلا يلبي طموحاتهم، وأملي كذلك أن تتبنى هذا الكادر كل من وزارتي الخدمة المدنية والمالية، ليصبح حقيقة على أرض الواقع . . وبذلك نضمن مزيدا من التميز لجامعاتنا . . . وبالله التوفيق . نقلا عن المدينة