هل السعودية أسوأ بلاد في العالم؟ بالتأكيد العقلاء يعرفون الإجابة جيداً، أما حزب المتشائمين وآخرون (متفذلكون)، وبعض ثالث يحركهم الحركيون، فهم يريدون أن تكون الإجابة بنعم.. نعم، هذا ما يعملون عليه، والتصريح يسبق التلميح. ما يحدث أن هناك موجة من زرع التشاؤم تحت شعارات عدة، ولم يسأل أحد منهم سؤالاً في منتهى البساطة: متى كان التشاؤم عنواناً ينفذ منه للإصلاح والتغيير الإيجابي؟ هل لدينا أخطاء؟ نعم. هل هي أخطاء كبيرة؟ نعم كبيرة. هل نتوقف عن النقد والسعي للإصلاح؟ لا وألف لا. هل الحل في تعميم السوداوية وتعزيز ثقافة السلبية؟ العقلاء هنا سيقولون لا بالطبع، فما الفائدة من تكوين بيئة تشاؤمية حتى أضحت هي السائدة، حتى لو خلفت تدميراً لروح المبادرة، وتكسيراً لمجاديف من يرغبون في إصلاح بلادهم، فلا يسمع لهم أحد إلا إذا ضخّموا الأخطاء ورفضوا المكتسبات؟ ربما نسيت أن هناك من لا يرى في هذه البلاد أصلاً أي مكتسبات! قبل يومين نشر خبر روتيني عن ارتفاع موجودات مؤسسة النقد لتصل إلى 2.3 تريليون ريال، فعلق قارئ ''وحنا شايفين شي''، قمة السلبية والتشاؤم في إفراغ الخبر من معناه وتحويله إلى رسالة سلبية، وكأنه لو انخفضت هذه الموجودات سيستفيد هذا القارئ، ولم يكن هذا التعليق هو الوحيد، وذهبت مبتعثة سعودية في الولاياتالمتحدة بعيداً لتقول إنها لم تستفد من مثل هذه الأخبار قط، كما أنها تعيش الأَمَرَّين في دراستها، أما ثالث فقال وماذا نفعل طالما هذا هو حديث المجالس يسيطر عليها وبالتالي يسيطر علينا! هناك فرق بين النقد والسلبية، النقد حتمي وضرورة لا مفر منها، بينما السلبية تعزز الاتكالية وعدم المبادرة والاكتفاء بتصيّد الأخطاء دون محاولة تصحيحها. المجتمعات المتقدمة لم تخط للأمام برمي مسؤولياتها على الآخرين وإظهار العيوب للتشفي لا غير. لا يعني رفض السلبية الارتماء في حضن (الإنجازات)، والتوسد عليها في محاولة تطوير الدولة، هناك مرحلة وسطية معادلتها واضحة وسهلة وموضوعية، لا تضخيم للإيجابيات واعتبارها منتهى الآمال والتطلعات، في المقابل التوقف عن ملء الشارع بالاحتقان والإحباط وكأن هذا هو الحل السحري لمشكلاتنا وقضايانا كافة. هذا هو موسم الحج يمضي إلى نجاح إلا من شوائب لا بد من النظر إليها وتصحيحها عاجلاً، وعلى الرغم من أن قيادة هذه البلاد منذ تأسيسها حتى هذا اليوم، تعتبر خدمة الحج واجباً وليس منة، فإن هناك من يكبر الأخطاء الصغيرة التي لا بد من حدوثها، فقط من أجل تصوير موسم الحج على أنه فاشل ولا إيجابيات فيه أبداً، من الطبيعي ومع انتهاء الحج نقد كل السلبيات والسعي إلى تصحيحها. لكن حزب المتشائمين لا يريدون ذلك أبداً، فرغبتهم، تعزيز الانطباع السلبي عن بلادهم. هل نسوا أنهم يقزّمون وطنهم قبل تقزيم الآخرين .. هل يعلمون أم أنهم يتذاكون؟ لله دَرُّهم المصريون، لا أخفي إعجابي بهم كثيراً، يختلفون في كل شيء، لكن لا تجد مواطنا يقدح في بلاده ويصغرها أمام الآخرين. يعرفون جيداً أنه مهما اختلفوا فلا يكون ذلك على حساب وطنهم. رسالة – مع الأسف - لم تصل قط لمَن يسخر ويغمز ويستهزئ مع كل جنسيات العالم، طالما أن ذلك يحقق هدفه في تقزيم وطنه. نقلا عن الاقتصادية