عندما أراد المتحالفون تفكيك الشرق جعلوا البداية إثارة التعصب للقوميات، فحثوا الأتراك على التفاخر بقوميتهم الطورانية، وأغروا العرب بالمناداة بقوميتهم العربية ونجحوا في تهميش الرابط بينهم وهو العقيدة الإسلامية، وبغض النظر عما قيل عن ارتباط دعاة ذلك بمشروعات خارجية فإن الخديعة نجحت، ومُزّق الشرق إلى دويلات، بل مُزّق الإقليم الواحد إلى عدة دول كما حصل في الشام. الآن يعاد المسلسل بإخراج جديد وهو الطائفية التي ستؤدي إلى تمزيق الوحدات الوطنية إن لم يدرك العقلاء خطورة المسلسل الجديد، وهو توظيف الطائفية للانقسام بين أبناء البلد الواحد، وهي وجه جديد لتمزيق الوحدة الوطنية سواء أكانت الطائفية مذهبية دينية أو عرقية أو إقليمية، فالنتيجة واحدة، وهي أنها الذراع الجديد لتمزيق الوحدات الوطنية، فبالأمس كانت القومية أو الانتماءات اليسارية واليمينية واليوم الطائفية بكل ألوانها. ويبدو أن قومنا العرب لا يأخذون دروسًا من التاريخ فقد تحاربت طوائف لبنان 15 سنة ولم يحصدوا غير سفك الدماء، وصنع المحتل طائفية المحاصصة في العراق، وصنف الشعب إلى عرب وكرد، والعرب إلى سنة وشيعة، ودخل العراق في نفق من الظلام نأمل ألا يكون الخروج منه هو تمزيق الوحدة الوطنية. الطائفية المذهبية المرتبطة بالخارج أو الإقليمية التي تحرم غيرها من المشاركة الوطنية هي أهم ما يهدد الوحدات الوطنية العربية، والكاسب الوحيد هو المتربص بتفكيك الوحدات الوطنية لإنقاذ مشروعات خارجية فهل يستبين قومنا قبل ضُحى الغد؟! الوحدة الوطنية ثابت من الثوابت التي لا يجوز الدوران حولها لمصالح ذاتية أو غيرها وأرجو أن يستيقظ قومنا العرب قبل أن يجدوا أنفسهم دويلات كدويلات الأندلس فيكونوا أسماء دول وهم أحياء كالأحياء في المدن. مشروعات التمزيق بالاستناد إلى الطائفية (دينية أو إقليمية) لم تعد خافية، وهي صناعة خارجية تمامًا كصناعة القوميات في بداية العصر الحديث يغذيه المستثمر الخارجي ويشعل جذوته الإعلام، ويعمق هُوته التعصب للمذهب أو الإقليم، وكل سيكون خاسرًا إذا طلع الصباح، وفاز المخطط بالليالي الملاح. اسمعوها صريحة يا قومي العرب، حافظوا على انتمائكم الإسلامي، ووجهكم العربي، ووحداتكم الوطنية فهي سياج وحدتكم، وانظروا لدول كالهند فيها تعدد ديني وإقليمي ووحدة وطنية وكل له مذهبه، والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات يجعل الوطن يتسع للجميع، ولن يكون المحرض أو المخطط الخارجي أرأف بكم من أنفسكم، حفظ الله كل وحدة وطنية، وخيب آمال طامح للتفكيك داخل كل بلد عربي أو خارجه، من أبنائه أو أعدائه. نقلا عن المدينة