أصبح كثير من الناس رجالا ونساء في هذه الأيام يهتمون بالرشاقة الجسدية رجاء في الصحة ونتيجة للتضخم في الأجساد والزيادة في الأوزان، ولهذا انتشرت تجارة ''مراكز اللياقة'' و''شركات الحمية'' و''برامج التخسيس'' في المجتمع. وهنا في هذا المقال لا أتحدث عن هذه الظاهرة، التي ليست من تخصصي ولا أتصف بها، إنما أتحدث عن رشاقة إلزامية في عصر العولمة ولفئة غير الفئة التي أسلفت ذكرها، وأعرج على مظاهرها وصفاتها ووسائل تحقيقها ربما تختلف تماماً عما ذكرت. إنها رشاقة المنظمات والمنشآت Organization's Agility لا الأفراد من الرجال والنساء والبنين والبنات، التي أصبحت مثار اهتمام المختصين والباحثين وأصحاب الشأن من القيادات الإدارية. إن رشاقة المنظمة يمكن أن تعرف بوجود مواصفات معينة يجب أن تتحلى بها أي منظمة لكي يطلق عليها واقعياً وليس رومانسياً المنظمة الرشيقة، وهذه المواصفات هي كالتالي: 1 الأولوية القصوى لديها إرضاء العملاء من خلال توفير متطلباتهم واحتياجاتهم بصورة عاجلة ومستمرة والاهتمام بالتعرف على توقعاتهم الضمنية، وكذلك السعي إلى تجاوز ذلك بإسعاد العملاء وإبهارهم بالمنتجات ذات الجودة والخدمات المتميزة، والاستجابة السريعة لشكاوى واقتراحات العملاء. 2 الترحيب الفعال والتجاوب الإيجابي مع متطلبات التغيير المتوقع أو المفروض عليها من بيئة العمل الداخلية أو الخارجية، كالمتغيرات الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية حتى ولو لم تكن في الحسبان. 3 التميز بالشفافية داخليا تجاه العاملين وخارجياً تجاه أصحاب المصلحة من الدولة والمستثمرين والعملاء والمجتمع. 4 توافر نظام قياس متكامل للمؤشرات KPI's المالية والإنتاجية وتجاه العملاء وجوانب الإبداع والتعلم من حيث تحديدها ورصدها ومتابعتها وتقييمها ومن ثم تصحيح مسارها متى كانت هناك حاجة إلى ذلك. 5 الاستدامة التنموية مالياً وإنتاجياً. 6 اليقظة الدائمة بما حولها من الأحداث والمتغيرات واستطلاع واستشراف المستقبل بصورة فاعلة ومستمرة. 7 الاهتمام الدائم ببناء قواعد البيانات لجميع الاحتياجات والممتلكات والمؤثرات الداخلية والخارجية للمنظمة، وتسهيل عملية الوصول إليها للجميع، خاصة عند اتخاذ القرارات مع تفعيل الاستفادة من النظم الذكية في هذا الشأن. 8 قرارات المنظمة الرشيقة تخالف قرارات المنظمة البيروقراطية من غير تعقيد أو إطالة زمنها. إن رشاقة المنظمة ليست مجرد ديكور أو مكياج تضعها المنظمات على ظاهرها لتبرز مفاتنها البراقة وتستقطب عاشقيها، بل أصبح ذلك مطلباً ملحاً في زمن التحولات الديناميكية والتغيرات السريعة والمفاجآت الكبيرة التي قد تتحول جراءها المنظمات إلى ماض بين ليلة وضحاها فتنهار وتعلن إفلاسها، والواقع يشهد على ذلك. ورشاقة المنظمات سبب رئيس في بقائها في حلبة المنافسة الشرسة تجاه استقطاب العملاء والمحافظة على ولائهم، خاصة مع الدخول في منظمة التجارة العالمية وذوبان الحدود وفتح باب المنافسة على مصراعيه. لذلك لا بد لمنشآتنا ومنظماتنا اليوم سواء كانت في القطاع الخاص أو الحكومي أو في القطاع غير الربحي أخذ الأمر بجدية والاجتهاد في تحقيق وسائل الرشاقة، التي قد تكون شاقة من خلال التوصيات الاستراتيجية التالية: • التعرف على مظاهر الرشاقة المؤسسية ومعالمها ومراجعة المنظمات لوضعها الحالي وتحليلها بطريقة مهنية ومن ثم تحديد مواطن الضعف والخلل ووضع الخطط التنفيذية لردم الهوة وتحسين الهوية الحالية والمستقبلية. • التركيز على الإدارة الاستراتيجية بمجمل عناصرها وعدم الاكتفاء بوضع الخطط الاستراتيجية الجامدة التي عادة ما يتراكم عليها غبار الزمن في أجمل الأدراج والحلل. مع التأكيد على أهمية التركيز على استشراف المستقبل ووضع الخطط البديلة المبنية على السيناريوهات المستقبلية. • استقطاب الطاقات والقيادات المتميزة التي لديها المعرفة المتجددة والقدرات العالية للمساهمة في رشاقة المنظمة واستدامتها. • الاستفادة من أخطاء الماضي والحاضر واستلهام الدروس بكل تجرد، فالسعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه. • بث روح التعلم والتطوير لدى العاملين في المنظمة والاهتمام المتزايد بهم وبتنمية مهاراتهم المختلفة. إن سمات المنظمة الرشيقة أخاذة وفاعلة في كونها سريعة الاستجابة للمتغيرات مع الإبداع والمرونة والتكيف معها بمنهجية واضحة ومميزة في اتخاذ القرارات المصيرية وتنفيذها باحترافية في قرن التحولات الدراماتيكية، وهذا هو التحدي الكبير الذي ينبغي على المديرين التنفيذيين أن يضعوه نصب أعينهم إذا كانوا حريصين على الوصول إلى بر الأمان بمنظماتهم ووصولهم إلى أعلى سلم التميز المؤسسي المستدام. نقلا عن الاقتصادرية