وأخيرا.. وصل الإخوان المسلمون إلى عرش مصر بعد كفاح مرير امتد منذ أيام الملكية حتى إسقاط حسني مبارك، وقياسا بالنجاحات التي حققها إخوان تركيا وفلسطين وتونس والمغرب واليمن فإن وصول الجماعة إلى الحكم في معقلها الأساسي قد تأخر قليلا ولكن هذا النجاح الذي أتى بعد مخاض صعب سوف يكون بمثابة الولادة الجديدة للتنظيم الشهير الذي انطلق من مصر ليتواجد بقوة في العديد من دول العالم. قد لا يكون نجاح الإخوان خبرا مفرحا بالنسبة لمنافسيهم من السلفيين والليبراليين أو المتوجسين منهم مثل الشيعة والمسيحيين ولكن حسب هؤلاء المنافسين والمتوجسين أن الإخوان هم وحدهم من يملك القدرة على صناعة نقطة التقاء مؤقتة بين الأطراف التي تصر على عدم الالتقاء، وإخوان مصر الذين كانت لهم الريادة على كل الإخوان المسلمين في العالم لاشك أنهم سيتولون زمام قيادة الجماعة في ظل أوضاع إقليمية معقدة ولكنها رغم ذلك ليست أوضاعا سيئة بالنسبة لهم ف (إخوانهم) اليوم يحكمون تركيا وتونس كما يحكمون غزة تحت الحصار، و(إخوانهم) أيضا يقودون المعارضة البرلمانية في الأردن والكويت ويخوضون معارك دستورية وقانونية ساخنة، أما (إخوانهم) في المغرب فقد أصبحوا هم الحكومة بعد أن كانوا في صفوف المعارضة!. كل الطرق اليوم تؤدي إلى الإخوان المسلمين.. والإخوان معتادون على السير في كل الطرق! مرت عقود من الزمان وهم يعملون ويناضلون ويتحالفون تحت الأرض وفوق الأرض، عملوا بكل إصرار على صناعة أذرعتهم السياسية والمالية والاقتصادية والأكاديمية كي تكون لديهم القدرة على الصمود الطويل من أجل الوصول إلى هذه اللحظة التاريخية، وهاهم يصلون إليها .. فماذا هم فاعلون ؟!. لا شك أن المشهد من نوافذ القصور الرئاسية يختلف كثيرا عن المشهد من نوافذ زنازين المعتقلات، تحديات كبيرة في الداخل وامتحان عسير لشعارات الحرية والعدالة والتنمية التي رفعها الإخوان المسلمين في السنوات الأخيرة للترويج لمشروع دولتهم المدنية ذات القيم الإسلامية، وتحديات أكبر في الخارج في ظل أوضاع إقليمية مضطربة وصراعات طائفية دامية فالشرق الأوسط بأكمله يقف على حافة الانهيار، هذا بخلاف التحدي المبدئي الذي تشكله معاهدة السلام مع إسرائيل وعلاقة مصر بحركة حماس، وكيفية المواءمة بين تحديات الداخل وتحديات الخارج هي الجبل الكبير الذي يمكن أن يعيق الإخوان المسلمين ويحد من فرصهم في تحويل نظريتهم القديمة إلى واقع سياسي واجتماعي وتنموي. أما التحدي الذي سوف تواجهه الجماعة في مصر مع بقية الإخوان في الخارج فسيبدأ في حال عودتها إلى غرامها القديم مع ملالي طهران، فإخوان مصر في هذه الحالة سوف يخسرون إخوان سوريا والخليج والأردن وتركيا، فالمأمول منهم ليس إدارة الظهر لطهران فقط .. بل إن أي موقف متراخ يتخذه إخوان مصر تجاه الثورة السورية سوف ينزع منهم دورهم القيادي في المنطقة لتتوحد فروع التنظيم خلف إخوان تركيا، فالإخوان يمكن أن (يتفهموا) على مضض موقف حماس المحاصرة في غزة وعلاقتها بإيران .. ولكنهم لا يمكن أن يقبلوا أعذار حزب الحرية والعدالة الذي يحكم مصر المحروسة !. نقلا عن عكاظ