لا شك أن تلاقح الحضارات في الماضي أمر طبيعي وتلقائي بين البشر، فلم يكن مخططاً له أو مستهدفا من أي جهة كانت، فأكبر مدون للحديث من بخارى (البخاري) وأعظم مؤرخ إنثربولوجي من المغرب العربي (ابن خلدون) ولكن ما يحصل لنا وبالأخص منذُ الثمانينيات من هذا العصر فهو أمر غير طبيعي يكتسي بطابع الغزو العولمي فهو مستهدف ومخطط له؛ لكي يهيمن على العالم، ويذيب كل الفوارق بين جميع الثقافات. وقبل أن أعرف بالعولمة من وجهة نظري، أحببت أن أتحدث عن الثقافة لأي مجتمع كان. الثقافة لدى أي مجتمع: فهي تشكل قيما وعادات وتقاليد وسلوكيات خاصة بذلك المجتمع وتميزه عن غيره من المجتمعات فهي سمة وهوية خاصة به. فنقول: ثقافة مجتمع إسلامي، أو ثقافة مجتمع يوناني، أو ثقافة مجتمع أوروبي أو غربي... إلخ أما العولمة: فهي تداخل ثقافات العالم مع بعضها بعضا وكأنه مجتمع واحد بثقافة واحدة. ولا يمكن أن ننكر ما للعولمة من إيجابيات ولكن من أهمها في نظري أنها جعلت العلم والمعرفة والثقافة والفن والأدب في جميع الحضارات في متناول الجميع كل يأخذ ما يناسبه ويتماشى مع مبادئه وأخلاقه، وقبل كل شيء دينه. وكما للعولمة من إيجابيات فإن لها سلبيات كثيرة لا يمكن لنا حصرها في هذا المقال البسيط، ولكن من أهمها في نظري، تذييب جميع التباينات الثقافية في كل المجتمعات لتصبها في قالب لا لون له ولا نكهة! نقلا عن الجزيرة