في كل مناسبة أكرر ما سبق أن كتبته وعبرت عنه، وهو أن تطور الحرمين الشريفين في العهد السعودي لم يسبقه تطور في أي عهد من العهود السابقة، وهذا ليس نفاقاً أو تزلفاً وإنما هو الحقيقة التي رأيتها بأم عيني وتابعتها خلال الخمسين عاماً الماضية، وهي الحقيقة التي أثبتتها كتب التاريخ والآثار عن تطور عمارة الحرمين الشريفين، ولم يقف الحد عند هذا وإنما اتسعت الدائرة إلى تطور العمران في المدينتين المقدستين مكةالمكرمة والمدينة المنورة، والذي كلف الدولة السعودية البلايين في نزع الملكيات لصالح ساحات الحرم وتطوير البناء حولها، واتسعت دائرة تطوير الخدمات للمسلمين في قرار إنشاء قطار الحرمين الذي يعتبر نقلة حضارية في تطور خدمة نقل المسلمين كما هو في مشروع قطار المشاعر. ولا أود اليوم سرد تطور الخدمات المقدمة للمسلمين في العهد السعودي، وكما قال أحد المسلمين الصادقين إن الخير الذي تعيشه الحكومة السعودية كان وراءه دعاء المسلمين لهم للخدمات المقدمة للمسلمين من حجاج ومعتمرين وسكان وقادمين من خارج المملكة. ورغم جميع هذه الخدمات العظيمة للمسلمين إلا أن طموحات المسلمين من الحكومة السعودية أكبر، وهم متأكدون أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قادر على تحقيق طموحاتهم ورفع معاناتهم، وأن عهده كان أكثر العهود السعودية في خدمة الحرمين الشريفين بالتطوير والتوسعة والخدمات المساندة التي تستهدف توفير الراحة والاستقرار ورفع العناء عن كاهل المسلمين. ومن هذه المطالب لرفع المعاناة عن المسلمين هو موضوع تقدمتُ به عندما كنت عضواً في مجلس الشورى في دورته السابقة، وكتبت عنه في أحد مقالاتي قبل سنوات، وهو المطالبة بتغطية وتكييف صحن الطواف أومسار الطواف حول الكعبة المشرفة سواء كانت تغطية ثابتة أو متحركة، وذلك للحفاظ على صحة المسلمين من قوة حرارة الشمس الحارقة في شهور الصيف وغيرها على المسلمين الطائفين أو المصلين حول الكعبة في صلوات الظهر والعصر، أو الطائفين من الصباح وحتى غروب الشمس. إن معاناة المسلمين معاناة كبيرة في مقاومة حرارة الشمس وهم يطوفون حول الكعبة أو يصلون حولها، ولا يعرف هذه المعاناة إلا من يصلي أو يطوف حول الكعبة في أوقات ذروة الحرارة، ومن المؤكد لا يعرف قوة حرارة الشمس الحارقة أولئك الذين يصلون الصلوات في بيوتهم من غرفهم وصوالينهم في فنادقهم إذا كانوا يستطيعون رؤية المصلين في الحرم، ولكن هذه الفئة هي القليلة أو الغنية وصاحبة الإمكانات المالية التي ترفع عنهم المعاناة، أما الفقراء ومحدودو الدخل فمعاناتهم في ساحات الحرم المكشوفة لا يعرفها إلا هم فقط. ورغم أن طرحي بتظليل مسار المطاف لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية ولا يوجد محظور أو ممنوع في ذلك، ورغم أن فكرة التظليل ليست مكلفة على الحكومة السعودية، وهو اقتراح ليس صعباً ولا مكلفاً، فقد قامت الدولة بتنفيذه فوق ساحات الحرم النبوي الشريف، وقد انتفع المسلمون به، وهم يدعون للملك عبدالله في كل صلاة فريضة أو سنة، إلا أنني لا أعلم في الحقيقة لماذا لم تر النور فكرة تظليل مسار الطواف حول الكعبة المشرفة، وقد قيل إن هناك دراسة تم التكليف بها، وهناك اهتمام كبير من القيادة بهذا الموضوع؟ وكنت ومازلت أبحث عن الأسباب، فقيل إن أحد الأسباب وجهة نظر شرعية لا ترى ذلك مناسباً، فلم أجد مبرراً لهذا الرفض، ولا أعتقد أن أحداً من الشرعيين قد أفتى بالمنع، ولا سيما أن هناك مصلحة عامة للمسلمين سوف تتحقق، وهي رفع الأذى والضرر من حرارة الشمس المحرقة عن المسلمين. وقيل إن الاعتراض قادم من المنتفعين من رؤية منظر الكعبة والطواف والطائفين والمصلين حول الكعبة، والحقيقة لا أعلم إذا كانت لهم القوة في منع مشروع فيه مصلحة للمسلمين، ولكن البعض يرى أن تظليل مسار الطواف سوف يخفض أسعار الغرف والسويتات والشقق المفروشة المطلة على الحرم، لأن جزءا من سعر هذه الغرف هو رؤية الكعبة والطائفين حولها، وأكبر دليل على ذلك هو إعلانات الفنادق حول الحرم. إن المصلحة العامة للمسلمين المصلين والمعتمرين حول الكعبة تفرض البحث عن حلّ لهذه المعاناة، وإذا جاز لي الاقتراح في حال رفض فكرة تظليل صحن الطواف فإن الفكرة الأخرى التي أطرحها وهي ليست صعبة التطبيق والتنفيذ هي فكرة تكييف المطاف وتكييف جميع الساحات المكشوفة حول الكعبة المشرفة، عن طريق استخدام قوة هوائية مكيفة من جميع أطراف سطح الحرم متجهة للمنطقة المكشوفة حول الكعبة، وبقوة عالية ومن جميع الأطراف، وبدرجة برودة تمنع حرارة الأجواء الخارجية وتخفف من حدة حرارة الشمس لمنطقة الطواف والصلاة. وهي فكرة مستخدمة في العديد من المشاريع التي يرغب أصحابها فصل الأجواء الخارجية عن الداخلية من على الأبواب الرئيسة، وتستخدم في فصلي الصيف والشتاء، ومن المؤكد أنها فكرة تحتاج إلى الدراسة والبحث للوصول إلى الهدف الذي نسعى إليه، ولا أرغب الدخول في التفاصيل، وإنما الهدف الرئيس هو البحث عن أفضل الوسائل لحماية المسلمين من حرارة الشمس الحارقة في الطواف والمنطقة المفتوحة حول الحرم. وقد تكون فكرة المظلات المشابهة لمظلات ساحات الحرم النبوي إحدى الأفكار، إلا أنها تحتاج إلى تكييف، وقد تتطلب أن تكون متحركة وليست ثابتة. إنها معاناة المسلمين داخل صحن الطواف في الحرم المكي الشريف وعلى وجه الخصوص في فصل الصيف، الذي تصل فيه درجة الحرارة إلى خمسين درجة، كما تزداد المعاناة في شهر رمضان ونحن فيه. وأخيراً هل تجد معاناة المسلمين في المطاف مبادرة من الحكومة السعودية في الإعلان عن حلول. نقلا عن الوطن السعودية