جاء رد السوريين سريعا جدا على تصريحات أمين عام جامعة الدول العربية الجديد نبيل العربي، الذي أدلى بتصريحات لا يمكن أن تصدر من محترف في العمل السياسي أثناء زيارته مؤخرا لدمشق، ولقائه مع رموز النظام السوري، ومنهم الرئيس الأسد. فعلى أثر زيارته لدمشق، وفي رد مباشر على تصريحات هيلاري كلينتون الأخيرة التي قالت فيها إن نظام بشار الأسد قد فقد شرعيته، قال العربي: «لا يملك أحد أن يقضي بأن رئيس دولة فقد شرعيته، هذا أمر يقرره الشعب». وقد يقول البعض إن هذا صحيح بشكل عام، لكن ألم ير أمين الجامعة العربية أن عدد القتلى السوريين على يد نظام الأسد قد شارف 1500، من الرجال والنساء والأطفال، هذا عدا عن آلاف المهاجرين والمعتقلين فقط لأنهم طالبوا بالحرية؟ بل في نفس اليوم الذي صرح فيه السيد نبيل العربي بهذه التصريحات من دمشق كان المثقفون والفنانون السوريون يتظاهرون في العاصمة السورية، وقام الشبيحة بقمعهم، واعتقل الأمن مجموعة منهم، ناهيك عن مقتل متظاهرين سوريين في إدلب في نفس اليوم الذي كان فيه أمين الجامعة العربية يكيل المديح لنظام الأسد! والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فما رأي السيد العربي بعد أن خرج السوريون يوم الجمعة الماضي، أي بعد زيارته لدمشق بيومين، وبأعداد غير مسبوقة، حيث بلغ عددهم المليون لأول مرة في عدة مناطق سورية، وحتى العاصمة دمشق نفسها خرج بها الآلاف، وقتل عدد منهم، يطالبون بالحرية وإسقاط النظام، فهل بعد كل هذا يمكن لأمين الجامعة العربية أن يقلل من حجم معاناة، وتضحية السوريين، ليرد على كلينتون، بدلا من أن يقول أمين الجامعة العربية كلمة حق، أو يصمت، والأدهى أن السيد العربي كان يتحدث أيضا عن أهمية استقرار سوريا الآن؟ عندما نقول إن تصريحات العربي لا تصدر عن محترف سياسي فهذا ليس تقليلا، بل إنه وصف للحقائق، فإذا كان فاروق الشرع نفسه اعترف بأنه لولا الدماء والتضحيات التي قدمها السوريون في عدة مدن لما كان يمكن اليوم الحديث عن ديمقراطية وتعددية بسوريا، فكيف يأتي أمين عام الجامعة العربية ليقول: «سعدت بمقابلة الرئيس، وتحدثنا لمدة طويلة وبصراحة تامة، حول أمور كثيرة مستجدة في المنطقة، ورياح التغيير التي هبت على بعض الدول، وما يحدث الآن من إصلاحات»، فأين هي الإصلاحات الجادة التي رآها الأمين العام ولم يرها السوريون الذين خرجوا بأعداد غير مسبوقة في جمعة أسرى الحرية، مطالبين بسقوط النظام؟ تصريحات العربي غريبة، ومحبطة، خصوصا أنها تصدر من رجل جاء من أعماق الثورة المصرية، لكن وكما قلنا أعلاه فإن أفضل رد هو ما جاءه من الشعب السوري نفسه الذي خرج مهاجما العربي يوم الجمعة، وناعيا الجامعة العربية، التي يبدو أنه حان الوقت الآن لإكرامها، لأن إكرام الميت دفنه، فإما أن تعيد الجامعة ترتيب أوضاعها أو فلا فائدة منها، وهذا ما تثبته الأحداث من حولنا، ليس اليوم، بل ومنذ زمان طويل. tariq@asharqalawsat نقلا عن الشرق الاوسط السعودية