منذ أكثر من أربعة أعوام، وافق مجلس الوزراء الموقر على مسار مشروع الجسر البري السعودي، الذي يعد أحد أهم المشاريع الاقتصادية في المملكة (إن لم يكن أهمها على الإطلاق) ووافق أيضاً على تأسيس شركة الجسر البري لتتولى إنشاء وتطوير وتشغيل وصيانة الخط الحديدي الجديد الذي سيربط شرقي المملكة بغربيها، إلى جانب تشغيل الشبكة القائمة حالياً، كما بذل المجلس الاقتصادي الأعلى والمؤسسة العامة للخطوط الحديدية جهوداً جبارة في تأهيل الائتلافات المتنافسة على المشروع والموافقة على وثائق الطرح ودراسة العروض المالية. إلا أنه نتيجة لمصاعب تمويلية واجهت الائتلافات المتنافسة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، حدثت تحولات جذرية للمشروع تمثلت في تولي صندوق الاستثمارات العامة مسؤولية إدارة وتمويل المشروع بشكل كامل بدلاً من القطاع الخاص، وبترسية مناقصات المشروع على أساس الهندسة والتوريد والإنشاء EPC بدلاً من البناء والتشغيل ثم التحويل BOT، وهذا بالتأكيد توجه إيجابي يدل على حرص المسؤولين في الدولة - حفظهم الله - على تذليل العقبات التي تواجه المشاريع الاقتصادية المهمة وتنفيذها بأفضل طريقة وفي أسرع وقت ممكن. المهم أنه بعد مرور أكثر من عامين على هذه التحولات الجذرية وتولي صندوق الاستثمارات العامة هذه المسؤولية الكبيرة، لم نسمع حتى الآن (مع الأسف الشديد) عن أي أخبار رسمية أو تطورات ملموسة تتعلق بهذا المشروع الحيوي، ولا ندري حقيقة إلى أين يتجه؟ ومتى سيتم الإعلان عن بدء تنفيذه؟ في المقابل، نجد أن الأخبار والتطورات تتركز حول مشاريع أخرى للخطوط الحديدية مثل: مشروع قطار الحرمين السريع ومشروع خط الشمال - الجنوب ومشروع المشاعر المقدسة، التي اقتربت في معظمها من مراحل التنفيذ النهائية وهي بالطبع نجاحات تستحق الثناء والتقدير. الغريب أنه في ظل غياب الأخبار والتطورات عن مشروع الجسر البري، بدأت بعض الصحف أخيراً تنشر أخباراً غير مؤكدة عن تأجيل افتتاح المشروع إلى عام 2015، وهي (إن صدقت) ستكون أخبارا غير سارة ومحبطة، وسيكون لها انعكاسات سلبية غير ملموسة على قطاع النقل بشكل خاص وعلى اقتصاد المملكة بشكل عام، إلا أن المشكلة الأهم تتمثل في أن الأمور الآن بدأت تسير نحو التعقيد مع ارتفاع التكاليف التقديرية للمشروع بشكل كبير، حيث تشير التقديرات إلى أن تكلفة تنفيذ المشروع بالأسعار الحالية ربما ستتجاوز 50 مليار ريال بينما كانت التقديرات تشير إلى 26 مليار ريال فقط في عام 2007!! نقلا عن الاقتصادية