عندما طالبت وزارة العمل بالتمييز بين المنشآت ووظائفها ببرنامج "نطاقات" والتركيز على سعودة الوظائف الإدارية والمالية والتعليمية والتي تتناسب مع مؤهلات معظم العاطلين والعاطلات حملة الجامعة والدبلوم والثانوية الذين تبلغ نسبتهم (83%) من البطالة لضمان الدخل والاستقرار والتطور للشباب بدلا من التوظيف المؤقت بوظائف متدنية وربط قرار التوظيف والفصل بجهة حكومية، لم يؤيد البعض ذلك اعتقادا بأن أي أفكار جديدة ستعرقل برامج السعودة التي يجب أن تتشدد على جميع الأجانب البالغ عددهم (8) ملايين وعدم تجديد إقاماتهم حتى ولو أغلقت محلاتهم، مع أن البطالة لدينا حوالي (500) ألف مواطن ومواطنة ومعظم العمالة ليست لها علاقة بوظائف المواطنين المناسبة! فأساس المطالبة كان لتلافي أسباب فشل جميع قرارات السعودة السابقة التي صدرت من جهات أعلى من وزارة العمل والتي اُتهم فيها معظم الشباب بعدم الالتزام والرغبة في العمل لكونها ركزت على الوظائف المتدنية وأهملت الوظائف التي تتناسب مع مؤهلاتهم، فالمطلوب لم يكن راتبا عاليا وإنما وظيفة مناسبة تمكن الموظف من تطوير وضعه حسب كفاءته وإخلاصه، ومن المهم إيقاف سياسة خلط الأوراق التي أفشلت خطط الدولة على الرغم من إبرازها إعلاميا، خاصة وإننا نشاهد بنوكا وشركات تفتخر بنسب السعودة وتحصل على جوائزها على الرغم من أن وظائفها القيادية لأجانب والعمل فعليا يتم من أجانب برواتب عالية وفق عقود تبرم مع مكاتب وشركات توظيف لتأدية أعمالها الإدارية والتدقيق المالي والموارد البشرية وأي عمل آخر مقابل مبالغ كبيرة تُخرج البنك او الشركة من مشكلة التأشيرات ونسب السعودة، ولذلك فوفقا لبيانات وزارة العمل ستعتبر مثل تلك الشركات في "نطاقات" ممتازة وخضراء ومن المتوقع أن تتوسع باقي الشركات في ذلك لتصنيفها ضمن الشركات الممتازة او الخضراء خاصة وان معظم العاملين في شركات التشغيل والتوظيف التي تتعاقد مع جهات حكومية وشركات كبرى ليسوا على كفالتها ويعمل بعضهم بنظام الإعارة الذي لن يكشفه "نطاقات"! وعلى الرغم من أن "نطاقات" اُعد "نظريا" للتشجيع على توظيف السعوديين وكأنه ليست لدينا إستراتيجية وطنية للتوظيف معتمدة من مجلس الوزراء قبل أكثر من عامين وانه من المحتمل أن يحبط منه الكثير من العاطلين، إلا أن آراء الكتاب حيال المبدأ الذي يعتمد عليه ومدى نجاحه لا يعني معارضته بل إبراز ملاحظات قد تُفشل النظام للعمل على تلافيها خاصة وان التجارب الفاشلة تكون على حساب عمر الشباب الذي يمضي ويعقد المشكلة، ومع انه لم يطبق البرنامج حتى الآن إلا انه كشف عن بوادر ضعف من وزارة العمل تمثلت في تصريحات إعلامية ومنها لقاء مع قناة مصرية لتطمين العمالة المصرية والاجنبية بعدم ترحيلها بل انه مع نطاقات يمكن تحسين وضعها ومنحها الاستقرار الوظيفي بالانتقال لمنشأة بالنطاق الممتاز او الأخضر! فنحن قبل التطبيق أبرزنا للدول حرصنا على الاستقرار الوظيفي لعمالتهم ولم نفكر في الاستقرار الوظيفي لمواطنينا وأهمية توظيفهم بوظائف مناسبة تضمن لهم الاستقرار حقا! كما أن ذلك مؤشر لكيفية التعامل مع ردة فعل الأجانب والمقيمين فكيف سيكون التعامل مع رجال الأعمال الذي تم طمأنتهم مبكراً بان النسب المطلوبة للسعودة وفق "نطاقات" اقل بكثير مما كان مطلوبا بالسابق! بل إن معالي وزير العمل في لقائه الإعلامي بجدة الأسبوع الماضي أكد على زيادة التأشيرات واستبعاد تقليصها بغرض توظيف للسعوديين لعدم وجود علاقة بينهما! ولذلك ستستمر تجارة التأشيرات بشكل اكبر للشركات الخضراء التي قد تستغل نقاط "نطاقات" في رفع السعودة بوظائف متدنية وستبرز تجارة جديدة وهي تجارة "الاقامات" لنقل كفالة من يتبع لشركات صفراء وحمراء الى شركات خضراء للبقاء بالمملكة في حال التشديد على وضع العمالة المخالفة، لكون الوضع الحالي يشجع على التخلف والعمل في مشاريع حكومية وخاصة! وقد نجد من يطالب بإيقاف "نطاقات" لأنه تسبب في تعثر مشاريع الدولة ودعم الاحتكار لمحلات محدودة! فالأمر يحتاج لوضع الأولويات تفعيل مهام الجهة المسئولة عن هروب العمالة لكون تشغيلها بالشركات لن يظهر في بيانات الوزارة وسيصنفها "نطاقات" بالأخضر مما يفشل برامج السعودة، ويبقى الأهم أن يتم توظيف العاطل بوظيفة مناسبة وليس مؤقتاً لإسقاط اسمه من بيان المستحقين لبدل البطالة! نقلا عن الرياض