إنجازات متتالية لخادم الحرمين الشريفين في مختلف المجالات وإصلاحات سياسية واقتصادية ملموسة في السنوات الأخيرة وهي حقيقة لا يمكن إنكارها ويصعب سرد هذه الإصلاحات في مقالة مثل مقالتي الأسبوعية، إذ يشعر شعب المملكة العربية السعودية بفخر واعتزاز بقيادته التي وجهت جل مدخرات البلاد المالية والقدرات البشرية لتطويره ونموه ولازالت تخطط لمستقبل زاهر لأبناء هذا الوطن. وقد سبق وأن كتبت وجهة نظري الإيجابية عن هذه الإنجازات داخل الوطن. وتمشياً مع سياسة الملك عبدالله في حرية الرأي والطرح البرلماني في الحوار لمناقشة القضايا التي تهم وطننا الغالي فإن طرحي اليوم ينطلق من سنة الحياة في التغيير ومن سياسة التغيير للتطوير وهي سياسة تؤكد أن التطوير هو رغبة صادقة من القيادة لتحقيق أكبر قدر من متطلبات الحياة للإنسان في المملكة العربية السعودية. من أهم وسائل التطوير في الإدارة هو رفع كفاءة القائمين عليها وحسن اختيار القيادات التنفيذية المؤهلة والمتخصصة والملائمة والقادرة على إحداث التطوير. ولقد أثبتت العديد من الدراسات أن من أهم أسباب تأخر تنفيذ الخطط غير الأسباب المالية هوعدم كفاءة بعض القيادات الإدارية المسؤولة عن تنفيذ الخطط أو عدم رغبة هذه القيادات التفاعل مع الخطط الحديثة والتقنيات المتطورة ويأتي ذلك إما نتيجة جهلها أو عدم قدرتها أو التخوف منها، كما أشارت العديد من الدراسات إلى أن القيادات الإدارية تصبح عبئاً على المنظومة الإدارية إذا تجاوز بقاؤها على الوظيفة أكثر من ثمانية أعوام وتكون في قمة أدائها وإنتاجها في الستة أعوام الأولى. ورغم هذه الدراسات والأبحاث الخاصة لقياس قدرات الإنتاج والإبداع إلا أننا نرى أن بعض القيادات الإدارية التنفيذية تظل على كراسيها لربع قرن ومع احترامي وتقديري لإنجاز وإبداع وإخلاص هذه القيادات إلا أنني أجزم بأن المجتمع مليء بالكفاءات والخبرات الشابة المبدعة والقادرة على إدارة وقيادة بعض الأجهزة المسؤولة عن التنمية وقد تكون أكثر إبداعاً وإنجازاً وولاء. إن بقاء بعض الخبرات الإدارية قد تكون مهمة في حالة عدم وجود كفاءات قادرة على تولي المسؤوليات إلا أنه ولله الحمد نتيجة نجاح سياسة المملكة في تعليم وتأهيل الشباب السعودي اكتشفنا كفاءات متميزة وقادرة على الإبداع والتطوير وإحداث التغيير. بقاء القيادات الإدارية سنوات طويلة في مواقعها سوف يوقف التطوير والإبداع لأنها ستعمل على المحافظة على عدم تغيير رفقاء وزملاء العمل منذ تعيينهم وبالتالي تقف عجلة التطوير، وهذا ما نلاحظه أحياناً، والأمثلة عديدة. إنني لست ضد المسؤولين القدامى في الإدارات التي تتماس بشكل مباشر مع التنمية، وأقترح إذا رغبنا في بقائهم الاستفادة منهم كمستشارين لصاحب القرار أو لنفس الأجهزة التي كانوا يرأسونها. إن بلادنا تفخر بأبنائنا المتعلمين والمبدعين وإن إتاحة الفرصة لهم سوف تتيح لهم إبراز مواهبهم وقدراتهم. إن سياسة التناوب في الأجهزة العسكرية هي سياسة ناجحة ومثمرة وغير مرتبطة بالعواطف، وسياسة التناوب والتغيير المتبعة في وزارة الخارجية لجميع الدبلوماسيين بمن فيهم السفراء إلا المستثنين؛ هي سياسة ناجحة تسهم في كشف المهارات والقدرات وتبرز لنا كفاءات متميزة في مواقع مختلفة. وهذا نراه أيضاً في القطاع الخاص وعلى وجه الخصوص في إدارة البنوك وبعض من الشركات الصناعية وهذا من وجهة نظري الشخصية ما تحتاجه الإدارة في بلادنا. سياسة التدوير والتغيير الإداري على مختلف المستويات سوف تسهم في تحقيق الأهداف التي تسعى لها خطط التنمية. المقولة القديمة إن هناك ندرة في القيادات الإدارية السعودية هي تهمة ألحقت بهم واستطاع بعض المروجين لها أن ينجحوا في ترسيخها. ما يستدعي تفعيل الأجهزة المتخصصة في اختيار القيادات الإدارية في جميع المستويات بشكل يساعد ويسهل عملية الاختيار. إن رسالتي اليوم هي أن الإدارة في بلادنا في أمسّ الحاجة إلى إعادة النظر في أسلوب ونوعية اختيار القيادات الإدارية وأن الالتزام بفترة ثمان سنوات أي دورتين لكل قيادة إدارية هو قرار حكيم لو طبق مهما كان تميز بعض القيادات الإدارية، وكما أسلفت بأن لا مانع من الاستفادة من خبراتهم وقدراتهم في أعمال استشارية أو إتاحة الفرصة للمجتمع للاستعانة بخبراتهم الطويلة، إما كأساتذة أو محاضرين في إحدى الجامعات السعودية أو رجال أعمال بفكر جديد أو مستشارين في التخصص لبعض من الشركات والمؤسسات أو مساهمين في برامج المسؤولية الاجتماعية. إن سياسة الدوران الوظيفي على مختلف المستويات التنموية تساهم في تحقيق التطوير المنشود، وطول مدة بقاء الأشخاص على كراسيهم يشعرهم بملكيتها وعدم الاكتراث بآراء ومصالح المجتمع. نقلا عن الوطن السعودية