لم يكتف بعض العنصريين من أبناء جلدتنا بتحميل الوافدين مسؤولية مشكلة البطالة ، بل تجاوزوا ذلك إلى درجة تخويف المجتمع منهم ، وتصويرهم باعتبارهم مجموعة من أصحاب السوابق وخريجي السجون الذين يشكلون خطرا على أمننا في حال حدوث أي طارئ ! هكذا .. ببساطة شديدة .. واستنادا إلى تعميم لا يرضاه من في قلبه أو عقله ذرة إنصاف ، كتب بعض الكتاب في هذا الشأن ، وتداول الناس رسائل هاتفية تفيد بخطر وجود ملايين ( الأجانب ) المتربصين بنا ، والطامعين في ممتلكاتنا ، والطامحين إلى هتك أعراضنا .. وكأن هؤلاء الذين ينتمون إلى عشرات الجنسيات ، قادرون على تحقيق ذلك – إن توفرت لهم النية - بما يمتلكون من أسلحة وذخيرة وخرائط طبوغرافية وتنسيق عسكري على أعلى مستوى !! الوافدون أيها السيدات والسادة ليسوا ميليشيات عسكرية . الوافدون هم من يقومون على علاجنا ، وعلى طعامنا وشرابنا ، وعلى تعليمنا ، وعلى العمالة في متاجرنا . وإن وجد بين هؤلاء من يضمر الشر ويرتكب الجرائم ، فهذا شيء طبيعي ويحدث من أبناء الوطن أنفسهم . المشكلة أن العين الانتقائية التي ترى ما تريد وتتجنب النظر إلى ما لا يوافق هواها ، تعاملت مع مجموعة صغيرة من الوافدين من أصحاب السوابق باعتبارهم الغالبية ، ونسيت كثيرا من الوافدين الذين خدموا البلاد ولم يصدر منهم ولو مخالفات بسيطة طوال سنين إقامتهم ! هؤلاء أيضا نسوا قصة الشهيد البطل فرمان علي خان الذي قام بإنقاذ 14 نفسا قبل أن يستشهد أثناء أحداث كارثة جدة الأولى قبل أكثر من عام . هذا المواطن الباكستاني الفقير الذي ضحى بحياته من أجل الآخرين دون أن يسألهم عن جنسياتهم ، ماذا فعلنا من أجله ومن أجل أبنائه الذين ذاقوا مرارة اليتم بعد استشهاده ..؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يشغل بال العنصريين من أبناء جلدتنا بدلا من تشويه صورة ملايين البشر بهذا الشكل المخجل . وأخيرا دعونا نتساءل : ماذا لو تعامل الأميركيون مع عشرات الآلاف من المقيمين السعوديين باعتبارهم إرهابيين ، لأن 15 سعوديا من مجموع 19 شخصا ، قاموا بارتكاب أكبر هجوم إرهابي شهدته الولاياتالمتحدة عبر تاريخها ؟ بعض الذين أصيبوا بالهستيريا لصدور حكم قضائي على مقيم سعودي بأميركا ، هم من يصور الوافدين وكأنهم أعداء الوطن ! نقلا عن المدينة السعودية