من السياسات المالية التي تطبقها الشركات في أسواق المال أنه حين تحقق خسائر تلجأ إلى رفع رأس المال, والسبب أن النظام الصادر من وزارة التجارة والخاص بالشركات المساهمة أن كل شركة تحقق خسارة تصل إلى 75% من رأس مالها يوقف تداولها ويطلب عقد الجمعية العمومية لحل ودراسة أوضاع الشركة. الآن من يتابع الشركات المدرجة لدينا في سوق الأسهم, يلحظ شركات خاسرة منذ أن بدأت تقريبا, شركات مر على بعضها عشر وعشرون سنة ولكن ظلت خاسرة, وكل ما اقتربت من مستويات الخطر أو خسارة نصف رأس مالها, لجأت إلى رفع رأس المال, كان قبل وجود هيئة سوق المال يكفي أن ترسل الشركة فاكسا لوزارة التجارة لطلب رفع رأس مالها, ولكن بعد قدوم هيئة سوق المال الآن تغير الوضع للأفضل وليس كل الأفضلية, فلدينا الآن شركات تأمين خسرت الكثير ولجأت لرفع رؤوس أموالها وهي خاسرة إلى الآن, ولا أعرف لماذا تم إدراجها وهي شركات جديدة وبقطاع حساس ومهم وهو التأمين, ولها طابع خاص, كان من المفترض أن تبقى خارج السوق, وبعد أن تبدأ نشاطها ونشر ميزانيتين يتم تحديد قبولها بدخول السوق أو لا تدخل, ولكن نلحظ الوضع العصيب لشركات التأمين, والآن نلحظ أيضا شركات زراعية أو شبه زراعية, وشركة أعلنت قبل عدة أيام عن طلب خفض طلب رفع رأس مالها إلى قيمة أقل مما طلبت, وهي شركة خاسرة أيضا وتملك الدولة حصة مؤثرة بها, وهي الآن تطلب رفع رأس مالها, وكل الأرقام المالية لا تبرر هذا الطلب من تاريخ الشركة, وشركات تآكلت رؤوس أموالها وتبحث الآن عن رفع رأس مالها, والكل يرفع لهيئة سوق المال لطلب رفع رأس المال, الغريب أن بعض رؤساء مجلس إدارة ممن أعرف شخصيا وشركاتهم رابحة وبوضع ميز لا يرحبون كثيرا برفع رؤوس أموالهم لأنها عبء إلم يكن هناك ما يبرر رفع رأس المال كتوسع أو نمو أو دخول أنشطة جديدة, بمعنى رفع رأس المال لمواجهة تحديات إيجابية للشركة, لا العكس كما يحدث لدينا بشركات خاسرة ترفع رؤوس أموالها لإطفاء خسائر, بل المطلوب منها خفض رأس مالها لاطفاء الخسائر كما حدث بشركة «المواشي أو أنعام حاليا». المسؤولية كبيرة على هيئة سوق المال بعدم منح شركات خاسرة موافقة رفع رأس المال لتضخيم رؤوس أموالها وحساباتها البنكية قد لا تملك سيولة كافية لراوتب موظفيها لمدة سنة, ولا يوجد تدفقات نقدية كافية, بل من مأزق إلى مأزق آخر وتطلب أيضا رفع رأس مالها, والأغرب أن بعضها رفع رأس مالها سابقا وهي خاسرة واستمرت الخسائر والآن تطلب رفع رأس مال من جديد؟ متى ينتهي هذا التفخيخ للشركات برؤوس أموال وهمية لا تعني حقيقة إضافة إلا لمن يضارب على هذه الشركات واستغلال الإعلانات لكي يحققوا أرباحا سريعة ووقتية, وهم أول الخارجين من هذه الشركات حتى وإن أقر رفع رؤوس أموالها, الماضي والحاضر والمستقبل لا ينبئ بتحسن هذه الشركات, ولا يجد دعمها برفع رأس مال بل العكس هو الصحيح, لتصحح أوضاعها ولتبدأ من مستويات أدنى لا أعلى حتى لا يكون السقوط مؤلما, ونجد بيشة من جديد قد خرجت علينا, وكل ذلك مسؤولية تامة على هيئة سوق المال التي بيدها القرار, فهل تسمح بتفخيخ وتضخيم شركات خاسرة لعقود من الزمن برفع رؤوس أموالها؟ نقلا عن الرياض