قال الاستاذ شايع الوقيان عضو حلقة الرياض الفلسفية لا يخفى عليكم أن ماهية الفلسفة والتفلسف ليست أمرا ميسورا، فلكل فيلسوف تعريف للفلسفة، ومن هنا فهناك تعريفات للفلسفة بعدد الفلاسفة وكل الفلاسفة قدموا تعريفاتهم للفلسفة مبكرا إلا أن جيل دولوز وفليكس غيتاري أرجأ التعريف إلى آخر المطاف. ففي كتابهما ( ما هي الفلسفة؟) أشارا إلى أن الفلسفة هي إبداع المفاهيم. وهذا تعريف غريب! ولكنه واصف. فلو تناولنا فلسفة هيجل مثلا لوجدنا أن بناءه الميتافيزيقي قد انهار ( مع تطور العلم والفلسفة والمنطق) ولكن المفاهيم التي أبدعها مثل ( الجدل “الديالكتيك” ومكر العقل، ونهاية التاريخ، وجدلية السيد والعبد..إلخ) لا تزال فاعلة في الحقل الفلسفي رغم ما طرأ عليها من تغيير. فالمفهوم حسب دولوزغيتاري يرتحل وينتقل من حقل إلى حقل ويجلب معه شيئا وينكر أشياء فيكون المفهوم حاملا لآثار الحقول السابقة التي كان يعمل بها. جاء ذلك جاء ذلك في حديثه خلال جلسة الحلقة النقدية بنادي جدة الأدبي، تحت عنوان(لماذا نتفلسف؟ أو ما الجدوى من الفلسفة؟)، عن فائدة الفلسفة؟ قال الوقيان هذا السؤال يتكرر علي بشكل مزعج. فكل من يعرف اهتمامي بالفلسفة يسألني: ما الفائدة.؟ هل ستفيدك في عملك أو ستكون سبيلا لكسب المال؟ أو أو أو ؟ أحاول يائسا أن أخبرهم أن المنافع والفوائد ليس شرطا أن تكون مادية وأن هناك منافع عقلية أو معنوية أو حضارية نحن في أشد الحاجة إليها. فالفلسفة كالأدب والفن لا تقدم لنا فوائد مادية.. فهي ليست كالعلوم البحتة ولا سيما الفيزياء والكيمياء والميكانيكا التي تجعل العالم المادي موضوعها… إنما موضوعها هو العالم الإنساني، هو الإنسان وعقله وقلبه وذوقه وعلاقاته وهمومه ووجوده. وقال لو نظرنا لتاريخ النهضة الأوربية لوجدنا أنها بدأت مع ليوناردو دافنشي وتوماس مور وميكيافيلي ومايكل أنجلو وغيرهم ممن أحيوا الأدب الكلاسيكي والذي فتح الطريق للتجديد الديني مع مارتن لوثر والتجديد العلمي مع بيكون وغاليليو وكوبرنيكوس والتجديد الفلسفي مع ديكارت وهكذا. فالنهضة لم تبدأ مادية بل روحية عقلية ذوقية. وبعدها جاء عصر التنوير وهو ليس عصرا علميا فقط بل عصر فلسفي وفني وسياسي. وإلى يومنا هذا فإن أية حضارة راقية لا بد أن تتعاضد فيها العلوم والفنون والفلسفات فلا يكون التركيز على جانب دون جانب كما حدث في الاتحاد السوفياتي الذي ركز على الصناعات الثقيلة وعلى الفكر السياسي الشمولي فانهار سريعا.