يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( أظل أهاب الرجل حتى يتكلم ، فإن تكلم سقط من عيني , أو رفع نفسه عندي ) .. وقديماً قال الفيلسوف اليوناني الشهير سقراط : ( تكلم حتى أراك ) .. وعمنا سقراط قال هذه " المقولة / الحكمة " عندما لاحظ ذات مرة أن كل تلاميذه قد أجابوا إلا واحداً , فالتفت له قائلاً : تكلم حتى أراك ؟ . والواقع أن عدداً ليس قليلاً من الناس تراه مزهواً في ملامح منفوخة ، فيما راح يشمخ بأنفه ، ويتمنطق ملابس براقة ، فتعتقد للوهلة الأولى أن هذا الغضنفر يملك المفهومية ولديه الوعي والمنطقية ، وتقول في نفسك ما شاء الله تبارك الله , ما هذا الحظ السعيد الذي قذف بهذا الهمام بين يدي ، ولكن ما أن يبدأ في الكلام حتى تشعر أن صاحبنا هذا مجرد بالون كبير ليس إلا ، ف ( طاسته فارغة ) وبضاعته مقلدة , وحكاويه فارغة .. عندها تتذكر ما قاله سيدنا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام ) . ولذلك علينا جميعاً أن نُحسن تقديم أنفسنا للآخرين ، باختيار الكلام المفيد والنقاش الهادئ والعبارة المريحة ، من دون تراخ أو تمييع , ولا حدّيه أو شطط ، ويظل المهم ألا يتعصب أحد لرأيه ، جازما أنه هو الأرجح ، لسبب بسيط وهو : أن الحقيقة لا يملكها أحد ، يقول الإمام مالك رحمه الله ( كل يؤخذ من كلامه ويُرد إلا صاحب هذا القبر ) يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم . تذكرت كل ما تقدم، وأنا أعيش مثل غيري - يوميا - ما يدور في وسائل التواصل الاجتماعي , من حوارات وتداولات وموضوعات نقاش - بما في ذلك صور وفيديوهات النسخ واللصق، وحالة القبول والتسامح والنقاش الحضاري لدى البعض، والتعصب والحديّة ورفض الأخر لدى المجموعة الأكثر، الأمر الذي يجعل المتأمل لهذه المسألة يرصد شيئين مهمين . الأول : حالة عدم الفهم الصحيح للحوار الحضاري لدى شريحة غير قليلة من الناس . والثاني أن وسائل التواصل الاجتماعي قد صارت شاهدا محايدا نزيها , كشفت لنا حجم المفهومية لدى كل مشارك فيها , خصوصا من كنا نعتقد من خلال هيئته البراقة أن صاحب وعي . * بخيت طالع الزهراني . * كاتب صحفي .