ألقى معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس درسه الأسبوعي في شرح كتاب (تفسير السعدي وعمدة الأحكام) بالمسجد الحرام وتناول درس فضيلته تفسير آيات الذكر الحكيم من سورة "الرحمن". واستهل معاليه الدرس بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم بدأ في تفسير آية الرحمن (1) هذه السورة الكريمة الجليلة، افتتحها باسمه "الرَّحْمَنُ" الدال على سعة رحمته، وعموم إحسانه، وجزيل بره، وواسع فضله، ثم ذكر ما يدل على رحمته وأثرها الذي أوصله الله إلى عباده من النعم الدينية والدنيوية [والآخروية وبعد كل جنس ونوع من نعمه، ينبه الثقلين لشكره، ويقول: { فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ]. ثم آية عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) فذكر أنه { عَلَّمَ الْقُرْآنَ } أي: علم عباده ألفاظه ومعانيه، ويسرها على عباده، وهذا أعظم منة ورحمة رحم بها عباده، حيث أنزل عليهم قرآنا عربيا بأحسن ألفاظ، وأحسن تفسير، مشتمل على كل خير، زاجر عن كل شر. ثم آية { خَلَقَ الْإِنْسَانَ } في أحسن تقويم، كامل الأعضاء، مستوفي الأجزاء، محكم البناء، قد أتقن البديع تعالى البديع خلقه أي إتقان،. ثم آية عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)وميزه على سائر الحيوانات بأن { عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } أي: التبيين عما في ضميره، وهذا شامل للتعليم النطقي والتعليم الخطي، فالبيان الذي ميز الله به الآدمي على غيره من أجل نعمه، وأكبرها عليه. ثم آية { الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } أي: خلق الله الشمس والقمر، وسخرهما يجريان بحساب مقنن، وتقدير مقدر، رحمة بالعباد، وعناية بهم، وليقوم بذلك من مصالحهم ما يقوم، وليعرف العباد عدد السنين والحساب. ثم آية { وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } أي: نجوم السماء، وأشجار الأرض، تعرف ربها وتسجد له، وتطيع وتخشع وتنقاد لما سخرها له من مصالح عباده ومنافعهم. ثم آية وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا } سقفها للمخلوقات الأرضية، ووضع الله الميزان أي: العدل بين العباد، في الأقوال والأفعال، وليس المراد به الميزان المعروف وحده، بل هو كما ذكرنا، يدخل فيه الميزان المعروف، والمكيال الذي تكال به الأشياء والمقادير، والمساحات التي تضبط بها المجهولات، والحقائق التي يفصل بها بين المخلوقات، ويقام بها العدل بينهم. أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ثم آية { أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ } أي: أنزل الله الميزان، لئلا تتجاوزوا الحد في الميزان، فإن الأمر لو كان يرجع إلى عقولكم وآرائكم، لحصل من الخلل ما الله به عليم، ولفسدت السماوات والأرض. ثم آية وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9){ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ } أي: اجعلوه قائما بالعدل، الذي تصل إليه مقدرتكم وإمكانكم، { وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ } أي: لا تنقصوه وتعملوا بضده، وهو الجور والظلم والطغيان. بعد ذلك شرح معاليه الحديث الثامن : عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم { أنه كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله ، وعنده قوم ، فسألوه عن الغسل ؟ فقال : صاع يكفيك فقال رجل : ما يكفيني ، فقال جابر : كان يكفي من هو أوفى منك شعرا ، وخيرا منك - يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم - ثم أمنا في ثوب } ، وفي لفظ { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرغ الماء على رأسه ثلاثا. } وأتاح معاليه الفرصة لمن لديه سؤال من الطلاب والحضور وقد أجاب بالإيضاح والتفصيل عن أسئلة الحضور ثم ختم الدرس بالصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. ويأتي ذلك في إطار رسالة الحرمين الشريفين العلمية والدعوية وانطلاقاً من حرص الحكومة الرشيدة - حفظها الله - على توعية العمّار والزوار وطلاب العلم والاستفادة من الدروس العلمية المقامة في رحاب الحرمين والتي تنظمها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي. الجدير بالذكر أن معالي الرئيس العام يلقى درسه يوم الثلاثاء من كل أسبوع بعد صلاة المغرب حتى صلاة العشاء بصحن المطاف من الجهة الجنوبية