افتتح الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس درسه بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم واصل ما توقف عنده في الدرس الماضي وذلك بمتابعة تفسير سورة الذاريات من كتاب «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان» للشيخ عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - من الآية السابعة والأربعين وحتى الآية الخامسة والخمسين. وشرح معاليه من قوله تعالي {والسماء بنيناها} مبينا قدرة الله العظمة في قوله {بنيناها} أي خلقناها وأتقناها وجعلناها سقفا للأرض وما عليها، وتابع معاليه {بأيد} أي بقوة وقدرة عظيمة، و{وإنا لموسعون} لأرجائها وأنحائها وإنا لموسعون أيضا على عبادنا بالرزق فما ما ترك الله دابة في مهامه القفار ولجج البحار وأقطار العالم العلوي والسفلي إلا وأوصل إليها من الرزق، وما يكفيها وساق إليها من الإحسان ما يغنيها. ثم انتقل معاليه إلى أية (48) {والأرض فرشناها} أي: جعلناها فراشا للخلق، يتمكنون فيها من كل ما تتعلق به مصالحهم من مساكن وغراس وزرع وحرث وجلوس، وسلوك للطرق والمواصلة إلى مقاصدهم ومآربهم، ولما كان الفراش، قد يكون صالحا للانتفاع من كل وجه، وقد يكون من وجه دون وجه، وأخبر تعالى أنه مهدها أحسن مهاد، وعلى أكمل الوجوه وأحسنها، وأثنى على نفسه بذلك فقال {فنعم الماهدون} الذي مهد لعباده ما اقتضته حكمته ورحمته وإحسانه. وانتقل معاليه إلى الآية ( 49) من قوله {ومن كل شيء خلقنا زوجين} أي صنفين ذكر وأنثى من كل مخلوق في هذه الدنيا {لعلكم تذكرون} لنعم الله التي أنعم بها عليكم في تقدير ذلك وحكمته حيث جعل ما هو سبب لبقاء نوع الحيوانات كلها لتقوموا بتنميتها وخدمتها وتربيتها فيحصل ذلك ما يحصل من المنافع. ثم ينتقل معاليه إلى الآية (50) «ففروا إلى الله» لما دعا العباد النظر لآياته الموجبة لخشيته والإنابة إليه أمر بما هو مقصود من ذلك، وهو الفرار إليه أي: الفرار مما يكرهه الله ظاهرا وباطنا فرار من الجهل إلى العلم، ومن الكفر إلى الإيمان ومن المعصية إلى الطاعة ومن الغفلة إلى ذكر الله فمن استكمل هذه الأمور فقد استكمل الدين كله وقد زال عنه المرهوب وحصل له نهاية المراد والمطلوب.