تحتفل بلدة فيع (قضاء الكورة، شمال لبنان) بابنها الأديب فؤاد سليمان (1912-1951) وترفع له نصباً يحمل رسمته الشهيرة التي أنجزها الفنان رضوان الشهال في الأربعينات منحوتة على لوحة كبيرة في ساحة البلدة. والاحتفال (السادسة من مساء السبت) المقبل يأخذ طابعاً شعبياً وستؤمه وفود من قرى الكورة والشمال ويتحدث فيه وزير الإعلام اللبناني رمزي جريج ووزير الثقافة ريمون عريجي وأسماء أخرى، ويرعى الاحتفال نقيب الصحافة السابق محمد البعلبكي آخر رفاق درب فؤاد سليمان الأحياء. ويقرأ الفنان جهاد الأندري مختارات من كتب الأديب وتدير الاحتفال الإعلامية داليا داغر. والأديب فؤاد سليمان الذي عرف باسم «تموز» الذي كان يوقع به مقالاته في جريدة «النهار» هو أحد رواد الأدب اللبناني، وصاحب مدرسة في النثر وفن المقال، وهذه المدرسة مر بها ويمر، كل من حمل ويحمل قلماً في لبنان. ولا تعد الأسماء التي كان ل «تموز» أثر عليها وهي من خيرة الأدباء وكتّاب المقالات. وعلى رغم رحيله المبكر(39 سنة) تمكن سليمان من إحداث ثورة في عالم الصحافة عبر مقالاته البديعة التي كان قراء «النهار» ينتظرونها في زاويته «صباح الخير». هذه المقالات وضعت الحجر الأساس للأدب اللبناني الملتزم، نظراً إلى جرأتها في النقد السياسي والاجتماعي ودفاعها عن قضايا الناس اليومية والحياتية ومناداتها بالإصلاح الجذري. ولم يسلم من قلم سليمان القارص والساخر بمرارة، سياسي فاسد ولا متسلط جائر ولا وزارة مقصرة ولا إدارة متهاونة. وتميزت مقالاته بروحها الأدبية الراقية وعصبها المشدود وغضبها ورقتها وهي رسخت أسلوب سليمان الفريد الذي كان ينتمي إلى الأدب الصرف. إلا أن سليمان الذي وضع أول دراسة جامعية عن جبران خليل جبران، كتب أيضاً نصوصاً أدبية ذات بعد وجداني تجلت خصوصاً في كتابه «درب القمر» الذي يعد من الأعمال الفريدة في تاريخ النثر اللبناني. وهذا الكتاب هو المعين الذي يلجأ إليه التلامذة والطلاب الجامعيون وكل من يطمح في أن يحترف مهنة الأدب ليتعلموا فيه أصول الكتابة المرموقة والمغرقة في جماليات اللغة. أما دراسته عن جبران التي وضعها كأطروحة أكاديمية في الجامعة الاميركية، فنال عنها شهادة الماجستير برتبة مشرفة جداً فتعدّ بحكم المفقودة ،واكتشافها إذا تمّ يوماً سيكون بمثابة الحدث الأدبي الكبير نظراً إلى أنها عن جبران وأن من كتبها هو أحد كبار أدباء لبنان. لم يتسنّ لفؤاد سليمان أن يبصر مقالاته ونصوصه مجموعة في كتب، فكتبه صدرت بعيد رحيله. لم يتسنّ له أن يفتحها ويفرح بها مثلما يفعل قراؤه الكثيرون الذين يقبلون على قراءته بشغف وحماسة. ومن كتبه: «تموزيات»، «القناديل الحمراء»، «درب القمر»، «أغاني تموز»، «يا أمتي إلى أين؟»، «كلمات لاذعة»، «يوميات ورسائل»، «في رحاب النقد». ونظراً إلى كثرة المقالات التي كتبت عن سليمان منذ رحيله حتى اليوم، ارتأت لجنة فؤاد سليمان أن تجمع غالبيتها في كتاب، واضعة إياها في متناول القراء والنقاد، فكان «فؤاد سليمان... بأقلامهم». وقد كتبت عنه دراسات جامعية عدة.