أول السطر:- رهام دخلت المستشفى باحثة عن النجاة، ولكن الصدمة كانت قاسية عليها؛ فالذين كانت تبحث عندهم عن النجاة هم من وضعوها في دائرة الخطر ومن أوشكوا أن يسلبوها الحياة، تحت عنوان "خطأ طبي"، وخرجنا فقط باعتذار مغلف بالورود! ولكن تُرى، هل هذا الاعتذار يُصلح ما أُفسد سابقًا؟! في جازان هناك مسرحية مأساة، تدور قصتها حول ضحية اسمها "رهام"، والإخراج كان من هنا، من على كرسي الوزارة في الرياض. أما الأبطال فكانوا من اختيار المخرج النجيب، ولا أدري هل اجتازوا اختبار الهيئة للتمثيل، أم أن وجودهم هناك كان من باب التدريب والوقوف على إمكاناتهم وقدراتهم؛ فكانوا هناك يبحثون عمَّا يسمونه "فأر التجارب"، لكنهم هذه المرة اختاروا "إنسانًا للتجارب"؛ فالمسرحية كانت تحتاج لضحية.
ولكن ما يزيد في النفس حسرة هو تعامل الأبطال مع الضحية؛ فبعد أن وقعوا في الخطأ، وانتشر الخبر، كانت مكافأة الضحية أن قالوا لها "ستخرجين من المستشفى وتراجعينا بعد شهر!!"، وبين أوردتها يسكن دم ملوث بالإيدز!! والسؤال هنا: ماذا لو كانت الضحية مثل تلك التي وقعت في مستشفى عرفان في جدة، هل سيكون هكذا التعامل؟! شخصيًا لا أعتقد؛ فوالد رهام يُعتبر من الدراويش، وليس من الذين يكتسون بالبشوت!!
وزارة الصحة فقدت ثقتها لدى المواطن؛ فبدلاً من أن يخشى الداء أصبح الآن يخشى الدواء قبل أن يأتيه الداء. إذا كان الوزير غير مسؤول عن أخطاء موظفيه فمن المسؤول؟ وإذا كنا نشتكي للوزير من الوزير فمن ينصفنا؟! تلك الوزارة حقيقة أصبح الكلام يدور حولها كثيراً؛ فالكل الآن يتحدث عن كوارث وليس أخطاء بسيطة؛ فالصحة تكاد تكون شبه معدومة لدى المواطن المريض، والعلاج هنا أصبح تقريبًا للدراويش أو الذين لا تسمح حالتهم الصحية بالسفر للخارج. آخر السطر:-
رهام خرجت من المستشفى باحثةً عن الحياة والإنصاف، وفي الأيام المقبلة، أو ربما الشهور المقبلة، ماذا سنقول عن رهام؟ هل سنقول {رددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن} أم سنقول {بأي ذنبٍ قُتلت}؟ والجواب ليس حاضرًا حتى اللحظة، ولا نملك إلا أن نقول "اللهم رب الناس مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، اشف شفاءً لا يغادر سقماً".
ومضة:- الكوارث في وزارة الصحة كثيرة، ليس آخرها "رهام"؛ فالصحة أصبحت تزيد عليك من الداء، وبعدها تماطلك في الدواء؛ فالمواعيد أصبحت طويلة المدى، وسرير المريض يؤخذ الآن إما "بواسطة" أو "معروض"!! فإلى متى تستمر سياسة تقبيل الأيادي في أخذ أبسط الحقوق للمواطن وهو "العلاج"؟! * احمد الشهري .