فتح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بأمريه الملكيين الصادرين أول من أمس (الجمعة)، سجلات التاريخ وأبواب المستقبل وقاعات مجلس الشورى في آن معاً للمرأة السعودية، وفوّضها - على غرار شقائقها الرجال صلاحية «إبداء الرأي في السياسات العامة للدولة»، كما ينص نظام المجلس، وأسند إليها «الحقوق الكاملة للعضوية»، وألزمها ب«الواجبات» و«المسؤوليات»، و«مباشرة المهمات». قبل عام مضى، ربط خادم الحرمين الشريفين، في كلمته الافتتاحية لأعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى في 25 أيلول (سبتمبر) 2011، قراره بمشاركة المرأة في عضوية مجلس المجلس، ومنحها حق الترشح والانتخاب في المجال البلدية، بكلمات واضحة الدلالة جلية المعنى. أكد الملك عبدالله بن عبدالعزيز في تلك الكلمة التاريخية عزمه على «التحديث المتوازن المتفق مع قيمنا الإسلامية التي تصان فيها الحقوق»، لأن التحديث «مطلب مهم، في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين، والمترددين»، معلناً للعالم ولشعبه رفضه الحاسم والحازم ل«تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي». واليوم، ينتظر جميع السعوديين من 30 سيدة اختُرن لعضوية مجلس الشورى - وفق كفاءاتهن وخبراتهن المتنوعة - أن يشاركن بدور حيوي ومؤثر في «التحديث المتوازن» بتقديم رؤية جديدة تحت قبة المجلس لملفات تنموية عدة، وقضايا اقتصادية واجتماعية متنوعة تهم المرأة وتشغل الأسرة السعودية مجتمعة، وإن تصدرت قضايا «تمكين» المرأة وتطوير مشاركتها اقتصادياً واجتماعياً، وحفظ حقوقها الشرعية، قائمة اهتماماتهن. وتلخص الحكومة السعودية - وفق وثيقة خطة التنمية التاسعة - أهم القضايا والتحديات التي تواجه المرأة والأسرة في: العنف الأسري، الطلاق، البطالة، الأمية، الاحتياجات الخاصة، وخدمات الرعاية الاجتماعية، وشبكات الأمان الاجتماعي. ويتوقع أن تساند عضوات مجلس الشورى، ممثلات في 30 سيدة يملكن خبرات مختلفة، اكتسبنها في مجالات عملهن المختلفة، وزملائهم من أعضاء المجلس، توجه الحكومة السعودية الذي عبرت عنه في خطتها التنموية التاسعة (2010 - 2014)، الهادف إلى مواجهة القضايا والتحديات التي تؤثر في المرأة والأسرة، وجهودها الهادفة إلى «تطوير إسهام المرأة في النشاط الاقتصادي، وتأمين الخدمات المساندة لتمكينها من المشاركة، وبناء أسرة متماسكة تتكاتف فيها جهود الرجل والمرأة في النهوض بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتطوير المعارف والمهارات لدى أفرادها، بما ينمّي فيهم روح المسؤولية والمبادرة تجاه مجتمعهم، والاندماج فيه في إطار من القيم التي تستلهم التراث العربي والإسلامي». ويجسد التوجه الحكومي الذي يقوده الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتعزيز دور المرأة الاقتصادي وحماية حقوقها الاجتماعية، آمال وتطلعات لطالما عبر عنها صوت المرأة في المنتديات العامة وعبْر وسائل الإعلام المختلفة طوال عقود عدة، قبل أن ينلن رسمياً حق المشاركة في عضوية مجلس الشورى، لينتقل هذا الصوت إلى قناة رسمية على هيئة قرارات وأنظمة تخرج تلك الآمال والتطلعات في صورة أنظمة ولوائح ملزمة التطبيق للجهات الحكومية المعنية. ويتوج الأمران الملكيان الصادران، التقدم الذي أحرزته المرأة السعودية في مجالات الحياة كافة، وفق ما يؤكده تقرير «الأهداف التنموية للألفية» الصادر عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، الذي سجل «تطوراً إيجابياً ملحوظاً في أوضاع المرأة (السعودية)، في مجالات التعليم والتشغيل والرعاية الصحية».