بينما كان الفنان الشاب طارق العبسي يغني في أحد المنتديات الثقافية في صنعاء، كانت أصوات الألعاب النارية تدوّي في الجوار، إذ هيمنت ظاهرة المفرقعات والالعاب العنيفة على أجواء العيد في اليمن، بالتوازي مع استمرار التفجيرات والعمليات الانتحارية والتي كان آخرها تفجير مقر الأمن السياسي في عدن عشية عيد الفطر، ما أدى الى مقتل ما لا يقل عن 16 شخصاً. ويرى البعض في استمرار ظاهرة المفرقعات والالعاب النارية التي تبرز بشدة خلال الاعياد مؤشراً لعجز الحكومة عن ضبط الاوضاع الأمنية وتكريساً للبيئة المحفزة على العنف. يقول المواطن احمد سعيد: «إذا كانت الحكومة غير قادرة على ضبط تجارة وبيع الطماش (المفرقعات) على رغم تعهدات متكررة في هذا الشأن، فكيف يمكنها أن تسيطر على التفجيرات الارهابية التي باتت تعصف بالبلد». ويرى متخصصون في انتشار الألعاب العنيفة مثل المفرقعات والألعاب النارية، محفزاً للنزعة القتالية لدى الصغار، في بلد ينتشر فيه السلاح وأسواق بيعه. وتشير التقديرات إلى وجود 62 مليون قطعة سلاح بمعدل 3 قطع لكل مواطن. وعلى رغم تسجيل إصابات، إضافة إلى الإزعاج الذي تسببه المفرقعات والالعاب النارية، لا تزال المفرقعات تعد اللعبة الاثيرة لدى كثير من الاطفال والمراهقين. وتنتشر في البلاد مختلف انواع المفرقعات المستوردة، وبينها نوع يطلق عليه اسم «القنبلة» ويصدر دويّاً هائلاً. ولوحظ أن بعض الاطفال يتعمد استخدام هذا النوع من المفرقعات بهدف إفزاع الناس. ودأبت السلطات على التأكيد أنها عازمة على مكافحة تجارة المفرقعات، بيد أن هذا النوع من التجارة الذي يعتقد أن معظمه يأتي من طريق التهريب ما زال يحظى بسوق رائجة ويباع علناً في المدن الرئيسة والثانوية. ويتهكم البعض قائلاً: إذا كانت السلطات غير قادرة على ضبط سلاح الأطفال، فكيف يمكن أن تضبط سلاح الكبار؟ وتشجع كثير من الأسر أبناءها على اقتناء ألعاب عنيفة، ودرج بعض الآباء على إهداء اطفالهم أسلحة وجنابي (خناجر) وبزّات عسكرية. والمفارقة أن بعض الآباء المتعلمين يبررون تقديم هدايا عنيفة لأطفالهم بالقول إنهم لا يريدون لصغارهم أن يكونوا ضعفاء في مجتمع يمجّد القوة.