يستقبل الشعب التركي المسلم شهر رمضان المبارك بمظاهر من الفرح والبهجة، مثلما هو الحال عند كل الشعوب الإسلامية في أركان المعمورة، والحقيقة أن هذه المظاهر العلنية من الشعب التركي فيها البراهين والأدلة الكافية على عمق وترّسخ الإسلام، ورفض المبدأ العلماني اللاديني الذي تتمسك به النخبة الحاكمة في تركيا من هذه المظاهر التي تجتاح الشارع التركي مع أيام شهر رمضان المبارك. إنارة المآذن وصلاة التراويح فما إن اقترب رمضان هنا في تركيا حتى تزينت مساجد مدينة اسطنبول المشهورة بمآذنها العالية والتي كتب بالاضواء عليها اهلا بك يا سلطان الشهور يا رمضان ، فهذه المآذن لا تضاء بهذه الطريقة الا في رمضان وفي الاعياد والمناسبات الدينية كذكرى الاسراء والمعراج والمولد النبوي. قراءة القرآن الكريم الحقيقة أن الأتراك من أكثر الشعوب الإسلامية حساسية واحتراماً وتبجيلاً لكتاب الله، فالقرآن الكريم مثلاً يوضع أعلى الكتب في المكتبات أو في مكان بارز داخل المنزل أو المكتب، ولا يقبل الأتراك بأي حال وضع القرآن الكريم بين الكتب العاديّة أيًّا كان شأنها أو قيمتها، بل يضعونه أعلاها دائماً، ومن العادات الجميلة والمحبوبة عند الشعب التركي اهتمامه بقراءة القرآن طيلة شهر رمضان، فعلى صعيد تلك العادة المحبّبة يقوم الأتراك من الرجال بتقسيم سور القرآن الكريم فيما بينهم، على أساس قدرة الشخص في تحمل قراءة كمٍّ من السور القرآنية، فالبعض يقبل قراءة سورة والبعض الأخر يقبل قراءة أكثر من سورة، وفي الأيام الأخيرة من شهر رمضان تقوم هذه المجموعة أو تلك التي انتهت من ختم القرآن بالذهاب سويًّا إلى أحد الجوامع القريبة لكي تقوم بالدعاء الجماعي الخاص بختم قراءة القرآن، و يشارك إمام الجامع في الأغلب هذه الجماعة في مسألة الدعاء والحفل الديني الصغير الذي يقام داخل الجامع على شرف القرآن الكريم هذا حال المساجد اما الناس فيكثر بينهم عبارة مبارك عليكم رمضان ، فاينما توجهت سمعت هذه الكلمات ، وكما كل الناس في العالم الاسلامي فإن رمضان هو شهر العبادة وكذلك هو شهر يرفع فيه لمؤائد الطعام رايات كبيرة فما ان يأتي رمضان حتى ترى الاقبال الشديد على شراء المواد الغذائية لعمل اشهى المأكولات ..
فهنا في تركيا في شهر رمضان يصنع نوع من انواع الخبز يسمى رمضان بيدسي ، وهذا لا يصنع الا في شهر رمضان وكذلك يوجد هناك بعض الحلويات لا تصنع الا في شهر رمضان والغريب في الامر ان التمر لا يباع او تكاد لا تراه الا في شهر رمضان ، فترى المتاجر تبيع التمر فهذا تمر عراقي وهذا تمر ايراني وهذا تمر المدينة وهذا تمر الجزائر فهذا امر قد تعودنا عليه اما الغريب في الامر ان بعض التجار اضافوا صنفا جديدا من التمور في هذه السنة وهذا الصنف الكيلو منه ما يعادل خمس وعشرون دولارا بينما يباع التمر الايراني بخمسة دولارات للكيلو الواحد او اقل من ذلك ولعلكم ستستغربون اذا علمتم ان الصنف الجديد من التمر هو تمر القدس وسيشتد استغرابكم وعجبكم اذا علمتم ان القدس لا يوجد فيها تمر ولكن القصة وما فيها ان بعض التجار استغلت تعاطف الشعب التركي مع القضية الفلسطينية والقدس فباعوا تمرا نسبوه ا لى القدس باغلى الاثمان . من عادات الأتراك في شهر رمضان أن يبدءوا إفطارهم بتناول التمر أو الزيتون، ويأكلون التمر والزيتون والجبن بأنواعه قبل تناول الطعام الشهي، والبعض يقوم لأداء صلاة المغرب أولاً، ثم يعود لمائدة الطعام مستمراً في إفطاره، والبعض يكمل إفطاره ثم يؤدي صلاة المغرب، وفي شهر رمضان تقوم الأفران والمخابز بعمل خبز خاص لا يُرى إلاّ في شهر رمضان ويسمونه ب"بيدا"وهى كلمة فارسية تعني"الفطير"، وهو نوع من الخبز المستدير بأحجام مختلفة ويباع بسعر أغلى من سعر الخبز العادي، ولمّا كانت فطائر" البيدا" تخص شهر رمضان؛ فإن الأطفال يقفون في صفوف طويلة قبل موعد الإفطار بقليل للحصول على الفطائر الطازجة، والأتراك عادة من الشعوب الإسلامية التي تتمتع بثقافة في الطعام والشراب تفوق قرناءها، وتعتبر الكنافة (العجائن المستديرة والتي تمتلئ أو تحشى بالمكسرات وتسمى عند أهل الشرق بالقطائف) والجلاّش والبقلاوة من أبرز أنواع الحلويات التي يقبل عليها الأتراك في شهر رمضان، ولكن يظل دائمًا وأبدًا طبق الشوربة الساخنة من الأطعمة الأساسية في المائدة التركية، ولعل هذا راجع لظروف المناخ البارد في أكثر أوقات السنة ومع اقتراب وقت السحور يدور المسحراتي في شوارع وازقة المدن ليوقظ المسلمين من اجل تناول السحور.