رثا الوسطان الشعري والرياضي أمس الأمير محمد العبدالله الفيصل، الذي انتقل إلى جوار ربه، بعد معاناة مع المرض في الولاياتالمتحدة الأميركية. والراحل كتب الشعر الغنائي والفصيح، وأسهم في العمل الرياضي من خلال النادي الأهلي، كما اشتغل بالشأن الحكومي العام؛ إذ عمل في مؤسسة النقد في محافظة جدة وفي وزارة المعارف (التربية والتعليم حالياً)، إلى أن تبوأ منصب وكيل الوزارة للشؤون الإدارية قبل أن يترجل من منصبه مستقيلاً. والراحل من مواليد مكةالمكرمة عام 1943، وهو ثاني أكبر أبناء الأديب الراحل الأمير عبدالله الفيصل، وحفيد الملك فيصل بن عبدالعزيز ثالث ملوك السعودية، ومنهما نهل حب العمل العام والشعر والرياضة، ثم غادر مبكراً في طلب العلم وهو في ال15 من عمره إلى سويسرا، وتخصص في العلوم التجارية. تشكّل السيرة الذاتية للأمير محمد العبدالله الفيصل شخصيته الأدبية، إذ تربى في بيت الأدب والشعر والثقافة، فوالده هو الأمير عبدالله الفيصل بن عبدالعزيز، وهو الأمير الأديب وأحد شعراء الوطن العربي المعروفين، وعمه هو أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل وأمير الكلمة والشعر. ومن هنا عرف عن الأمير محمد العبدالله الفيصل ولعه وتعلقه بالشعر منذ صغر سنه، حتى أصبح أحد ابرز شعراء القصائد المغناة التي تغنى بها كبار المطربين السعوديين والعرب. شكل الأمير الراحل والفنان طلال مداح - رحمهما الله - ثنائياً رائعاً في بداية مشوارهما الفني، ولا يكاد يُذكر الاثنان إلا وتحضر أغنيتا «مقادير» و«زمان الصمت» اللتان ذاع صيتهما على مستوى الوطن العربي، ونشأت بين الشاعر والفنان علاقة أنتجت لغة خاصة بينهما أثمرت عدداً من الأغاني المتفردة، وشدا بأعماله الشعرية الكثير من الفنانين، ومنهم محمد عبده وعبادي الجوهر وعبدالمجيد عبدالله والفنانة وردة الجزائرية. ولم يبعد الأمير الراحل في مناصبه الحكومية التي تقلدها كثيراً عن حبه وولعه بالأدب، فكان أن عمل مديراً لوحدة التنظيم والإدارة في وزارة المعارف، ثم مدير عام الإدارة في الوزارة نفسها، ثم منصب وكيل وزارة المعارف للشؤون الإدارية. وترأس الفقيد منصب رئيس مجلس الإدارة في العديد من الشركات، ومنها شركة الإسمنت، وشركة سكر القصيم، ومجموعة التكامل الدولية، ورئيس الوكالة الوطنية، ويعد واحداً من أبرز رجال الأعمال السعوديين. وعرف عن الأمير العبدالله الفيصل تعلقه بالرياضة، فهو ترأس النادي الأهلي في فترة سابقة، وتولى منصب رئيس هيئة أعضاء الشرف، والمشرف العام على فريق كرة القدم بالنادي الأهلي، ويعتبر من كبار الداعمين للنادي الأهلي وأبرز أعضاء شرفه. ويعد الفقيد أحد أبرز رواد الحركة الرياضية في المملكة، وصاحب مدرسة متفردة في قوة الرأي والصراحة والوضوح، ويعود له الفضل في إقامة دورة الصداقة الدولية لكرة القدم على كأس الأمير عبدالله الفيصل، التي كانت تنظم في مدينة أبها، وهو من أحضر المدرب البرازيلي الشهير تيلي سانتانا لتدريب النادي الأهلي. ويحمل الأمير محمد العبدالله الفيصل فكراً رياضياً رفيعاً، ويعتبر موسوعة رياضية، وتميز بآرائه الصريحة ودفاعه المستميت عنها، وشكل مع الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز ثنائياً مهماً رسم طريق النادي الأهلي لسنوات، وكان آخر لقاء رسمي جمعهما في افتتاح مركز الأمير عبدالله الفيصل لقطاعي الناشئين والشباب بالنادي الأهلي الذي شيده الأمير خالد بن عبدالله على نفقته الخاصة، عرفاناً وتقديراً لدور رائد الحركة الرياضية الأمير عبدالله الفيصل. والأمير محمد العبدالله الفيصل هو الابن الثاني للأمير عبدالله الفيصل ووالدته الأميرة الجوهرة بنت خالد بن محمد بن عبدالرحمن، درس في المدارس النموذجية بالطائف، حتى أنهى المرحلة المتوسطة، ثم أكمل تعليمه حتى حصل على بكالوريوس التجارة العليا. وعانى كثيراً من مرض القلب، وأجرى الكثير من جراحات القسطرة، وسيصل جثمان الراحل إلى جدة غداً (الثلاثاء)، وسيتم دفنه في مكةالمكرمة، وستبدأ أول أيام العزاء بعد غد (الأربعاء) بقصر الأمير عبدالله الفيصل في ىحي الأندلس بمدينة جدة.