من المنغّصات التي تكدّر صفو الحياة ، ولا يخلو منها مجتمع أن يتعرّض الإنسان خلال مسيرة حياته للتنمّر ، والتجريح ، والانتقاد ، والتشكيك في نواياه ، وسوء الظن به ، وربما سلب حقه ، وظلمه ، والتعدّي عليه ، ونبذه واحتقاره ، وعدم احترامه ، وتدبير الدسائس ضده ، وقذفه ، وتتبع عوراته ، وفضحه . أو أن يجد من يحسده أو يحقد عليه ، وقد تمارس ضده أنواعٌ متعددة من السلوكيات المحرمة شرعًا والتي يتقنها بعض البشر ويستحلونها لأنفسهم للأسف ! سواءً كان ذلك عمدًا ؛ لأنه إنسان ناجح . ونعلم بأن هناك من يتلذّذ بمحاربة الناجحين عدوانًا وظلمًا ، والعياذ بالله . و قد تكون ردة فعل لحدث معين من قبل الآخرين ! قد تتعرض أنت ، و إنا لبعض تلك التصرّفات الممقوتة أو نكون ممّن يمارسها ضد الغير ؟! حتى أصبحت تلك التصرفات عاداتٍ ، وسجايًا تمارَس بشكل دائم ولاتجد من يقول : ( كفاية) قيّم تعاملاتك مع الناس ، وتعاملهم معك ثم حدد : هل أنت منهم ؟ أم هل هم أنت ؟ أي هل أنت ممن يتنمّر على الآخرين أم ممّن يعاني من تنمّر الآخرين عليه ! في السطور التالية تجد واقعنا المجتمعي الذي قد لا نشعر به ! البعض يستطيع أن يأخذ حقّه وحقّ غيره ويردّ الصّاع صاعين ، وينتقم ، ويتسلط على الضعفاء ، ويكون شعاره ( أنا ومن بعدي الطوفان ) لايرقب في مسلم إلاً ولا ذمة ، ومستعد أن يفعل كل شيء في سبيل مصالحه الشخصية . وقد تكون ردّة فعله عنيفة فيخشاه الكل لقوّته ، ومكانته ، وسلاطة لسانه فيظلم نفسه ، ويظلم الناس . ( هداه الله) والبعض الأخر لا يرغب في أن يتصارع ، ويتصادم مع كل من آذاه أو تعدّى عليه ويفضل الابتعاد عن كل ما يؤذيه من أولئك البشر وليس لديه القوة والمنعة التي يواجه بها من تعدّى عليه فيبيع الدار ، وينقل العمل ، ويهجر المكان ؛ لأنه إنسان مسالم بطبعه. (عوضه الله خيرا) وهناك أشخاص يتجنبون المواجهات ، و التصادمات رغم قدرتهم عليها ، وفي نفس الوقت لا يستطيعون الابتعاد عن أولئك البشر ! إما لصلة قرابة عائلية ، أو زملاء عمل ، أو جيران في المسكن ، أو قرابة نسب بحكم صلة الرحم ، أو الحاجة التي قد تجبر هم على التحمّل ! فيضطرون للتسامح ولو لم يُسامَحون ، والتصالح ولو لم يصالَحون ، والتعايش معهم ولو كانوا متذمرين ! دون أن يبوحوا بما تكنه أنفسهم لأولئك الظلمة من البشر ! (بارك الله لهم) عملاً بقوله تعالى : (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُم) . ولاشك بأنهم مأجورون بإذن الله. فارفق - يارعاك الله - بإخوانك ، ولا تستغلَّ تغافلهم عن مواجهتك. وأخصّ بالذكر من تربطك بهم صلة قرابة ، واعلم بأنهم صبروا على أذاك كثيراً ، وقد ينفد صبرهم ، وتكون سببًا في الفرقة ، وقطع صلة الرحم فيما بينكم وتخسرهم للأبد . ناهيك عن تحمّلك وزر ما فعلت ! فلا تكن عونًا للشيطان على إخوانك. ما أحوجنا في هذا الزمان إلى محبة صادقة ! وقلوب حنونة ! نتسامح إذا أخطأنا .. ونعذر بعضنا ٓ إذا قصرنا .. وندعو لبعضنا إذا مرضنا أو عن هذه الدار انتقلنا .. !! قد تشعر بأنك المقصود في هذا المقال لأن حالنا لايخلو مما علمت ، ولكن أين تصنّف نفسك بينهم ؟ إن كنت المؤذي المتسلط فعدّل من وضعك واستدرك ما فاتك وتحلّل من خصومك أو لا تلومَنَّ إلا نفسَك " يوم لا ينفع مال ولابنون * إلا من أتى الله بقلب سليم " وإن كنت المسالم أو الصابر الذي يحافظ على بقاء الودّ رغم ما يكابده من شرور ؛ فاحمد الله ولا تقنط من رحمة الله ، وأعلم بأنك على خير . اللهم إني أعوذ بك من عقوق الأبناء ، ومن قطيعة الأقرباء ، ومن جفوة الأحياء ، ومن تغير الأصدقاء . وقفة : لايوجد شخص مثالي ولو حرص ! فسلامٌ على قلوب طاهرة أحبتنا وأعزتنا . ورحم الله من تغافل لأجل بقاء الودّ ، ودوَام المحبة، وستر الزلّة . كتبه : نوّاف بن سفر العتيبي . الطائف .