شدد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ على ضرورة التمسك بالكتاب والسنة حتى تتوحد الأمة وتتجنب الفتن والصراعات والانقسامات والتحزبات والتصنيفات، مرجعا أسباب الفتن والمصائب التي تحيط بالأمة إلى ضعف التمسك بالكتاب والسنة، وعدم اتباع منهج السلف الصالح، والبعد عن المنهج الوسطي المعتدل، إضافة إلى الفتوى بغير علم. وبين أن ما أعان على كثرة الفتن واغترار كثير من المسلمين بها قلة العلم وانتشار الجهل وثورة المعلومات وتقنيات الاتصال والقنوات الفضائية التي تنشر البلاء والفتن والمصائب، لافتا إلى أن الاحتراب بين المسلمين يؤدي إلى شق الصف والنيل من قوة الأمة وكرامتها. دور العلماء وأكد على أهمية دور العلماء في منع كل ما من شأنه انحراف الناس عن الجادة وتبصيرهم بخطورة الفتن وإنارة الطريق لهم بالعلم الشرعي الصحيح المستنبط من كتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، مبينا أن من الفتن فتنة البدع والخرافات والأمور الشركية وفتنة تسلط الأعداء على الأمة المسلمة بشكل مباشر أو بواسطة التستر ببعض أبناء المسلمين الذين عظم النفاق في نفوسهم، فجعلوا أنفسهم مطايا لأعدائهم لإضعاف كيان الأمة وتدمير البلاد وسفك الدماء والسعي في الأرض فسادا لإرضاء أعداء الإسلام. أحزاب وجماعات وذكر سماحة المفتي العام أن من الفتن التي ينبغي الحذر منها التعصب الجاهلي والتكتل والنزاع على البروز والظهور والسيطرة على المجتمع، واصفا ذلك بأنه بلاء عظيم، مضيفا «قسموا الأمة إلى أحزاب وجماعات متنازعة أشغلوا بعضهم ببعض، فكان تقسيم الأمة إلى أحزاب متنازعة يضلل بعضهم بعضا ويفسق ويكفر بعضهم بعضا حتى انشغلت عن ضرورياتها، فأصبحت تنازع هذه الآراء وهذا مضر بالأمة، فضلا عن إشغال الشباب بفتنة المخدرات، سواء بالتعاطي أو الترويج أو التسويق بين المسلمين، فأفسدوا عقولهم وضيعوا مستقبلهم ودمروا كيانهم». الغلو في التكفير وقال سماحته: من الفتن الغلو في التكفير والتفسيق والتبديع، إن التكفير والتبديع والتفسيق أحكام شرعية لا يطلقها الإنسان بهواه ولا تصوراته الخاطئة، ولكنها محكومة بأحكام الشريعة، إذ الشرع ينهانا أن نكفر أو نفسق بلا برهان أو دليل، ومن كفر مسلما أو نسبه إلى الضلال وليس بذلك إلا يوشك أن يرتد عليه قوله ويبتلى بما قال في الناس بلا حق ولا برهان. وقال: سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان كفروا المجتمعات علماءها وحكامها، وحكموا عليهم بالضلال والكفر، فسعوا إلى سفك الدماء واغتيالات الأمة وتدميرها والسعي في الأرض فسادا تحت ستارات التكفير والتبديع التي ما أنزل الله به من سلطان استحلوا دماءها وأموالها وهذا خطأ وضلال. فتنة الإعلام وذكر أن من الفتن فتنة البروز والظهور في وسائل الإعلام المختلفة، حيث يراها البعض شرفا له، فلا يبالي بما يقول ربما حمله حب الظهور أن يفتي في أمور الدين بلا علم أو حجة حتى يقال فلان قال، ولا يخاف الله ويعلم أن الفتيا بغير حق من عظائم وكبار الذنوب، وأحيانا تعبير الأحلام وهو لا يحسن ولا يعلم، ولكنها فتنة افتتن بها. وأضاف: لا يجوز أن تفتي بغير علم ولا أن تعبر الأحلام وأنت غير عالم، يجب أن تقف عند حدك، فمن أحسن العلم فليفت، ومن لا علم له ليراقب الله ويتقه، مبينا أن النجاة من الفتن يكون بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبصير الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتماع الكلمة وتآلف القلوب، والسمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف والرجوع فيما أشكل إلى أهل العلم. الدولة صامدة وأكد سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أن الدولة السعودية ستظل صامدة رغم محاولات التشكيك من جانب الأعداء، مشيرا إلى أن المملكة تتبوأ مكانة مرموقة في تاريخنا المعاصر من الناحية التاريخية والفكرية، لأن تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود بعد تحالفه مع الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمهما لله تعالى كان حدثا تاريخيا وفكريا مهما في آن واحد في الجزيرة العربية كلها. وأشار إلى أن نشأة هذه الدولة وما صاحبها من قيام حركة إصلاحية تجديدية على يد الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب مثل بداية مرحلة جديدة، حيث أحيت في الناس العقيدة الصحيحة النابعة من الكتاب والسنة، وأكدت فيهم روح الإصلاح والتهذيب والتوجه نحو العلم، والاجتهاد، والتحرر من قيود الجهل، والخرافات. وكانت أعمال وإنجازات هذه الدولة ودعوتها السلفية النقية مصدر إلهام لكثير من الحركات الإصلاحية والتجديدية خارج أرض الجزيرة العربية في مختلف البلدان والأقطار في العالم الإسلامي. وبين سماحته أن الدولة السعودية في مراحلها الثلاث استمرت صامدة رغم ما واجهها من اعتداءات ومهاجمات ومحاولات إسقاط عبر التاريخ، إلا أنها رغم سقوطها مرتين أعادت بناءها بفضل الله ثم بفضل ما قامت عليه من الأسس السليمة المستمدة من تعاليم كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وبفضل جهود مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه. وأضاف: إن هذه الدولة وما قامت عليه من الأسس التاريخية والفكرية لم تسلم في وقتنا الحاضر كما في السابق من محاولات تشكيك، وتشويه معتمد من أعداء ديننا ووطننا، فكان من الأهمية بمكان بيان مكانة هذه الدولة تاريخيا، وما قامت عليه من الأسس الفكرية والعلمية، وإزالة ما علق بهذا الجانب من الشبهات والتحريف والتشويه.