كشفت ل«الشرق الأوسط» هيئة السياحة والآثار أنه من الأجدى إبقاء سد السملقي الشهير بالطائف على ما هو عليه بدل إعادة ترميمه وتأهيل الجزء المدمر منه، وسط تزايد المخاوف من انهياره جراء الأمطار والسيول في المنطقة. وقالت الهيئة إنه من شأن الترميم في حال القيام به التأثير على هيكل السد بشكل عام، مقللة في ذات السياق من تأثير سيول محتملة قد تزيد من تفاقم الجزء المدمر في الجانب الآخر من السد. وأكد عبد العزيز العمري، رئيس جهاز الآثار في محافظة الطائف، أن إعادة بناء جزء من سد السملقي عليه محاذير كبيرة، وقد يؤدي إلى خطورة على السد الرئيسي، لأنه في حال السيول والأمطار ستنصرف المياه من خلال السقف، مما يجعل إعادة تأهيل السد مرة أخرى تحتاج إلى تنسيق كبير ودراسات فنية مستفيضة تتعلق بقياس سرعة المياه وكمية الأمطار التي تنزل والاستخدامات التي تترتب على إعادة وتأهيل السد. يذكر أن السعودية تضع من بين أهدافها لبناء السدود عملية رفع مستوى المياه الجوفية والآبار، في وقت لو تم إعادة بناء السد فمن الممكن أن يؤثر على جنبات السد الرئيسي، خصوصا في حال هطول الأمطار بكميات كبيرة. وهنا يضيف العمري أن عملية تأهيله تحتاج إلى وقت، وهو من ضمن المواقع التي سيتم تأهيلها، موضحا حول مدى التطوير الذي يشمله من إعادة للبناء وبناء مركز مصاحب له يختص بالزوار، أنه يتوقف على اللجان التي تزور الموقع وتحاول عمل دراسة عنه بحيث يكون واجهة سياحية. وزاد العمري: «الآن أصبح السد وجهة سياحية، بل هناك شركة تسمى (سد السملقي)، تقوم بعملية تنظيم وتنسيق للزيارات، وهو الآن بحالته يستقبل زوارا من مختلف الشرائح، وتفد إليه كذلك أفواج سياحية باستمرار، بل يعتبر أبرز المواقع التي تحتل الصدارة في آثار الطائف». وشدد مدير عام الآثار بالطائف على أهمية أخذ المحاذير قبيل الشروع في أعمال ترميمه، حيث يجب _ على حد تعبيره _ أن تتبدد تلك المحاذير بدراسات يشرف عليها الخبراء والمختصون، لتؤدي في نهاية المطاف إلى حماية السد. مضيفا أنه من الأجدى أن يبقى الوضع على ما هو عليه، ومحاولة الحفاظ أيضا على هيكله، لا سيما أن الجزء المتعطل منه بسيط، بينما جسم السد الأساسي ما زال موجودا، وبمنأى عن أي خطورة. سد السملقي بناه «بنو هلال» ويعد من العجائب في مدينة الطائف، إذ شملت قصته العجيبة مجالس الناس وحكاياتها، إذ تطل قصة بنائه العجيبة في شموخ هذا السد وقوامه من جهة وجزء مهدم في طرفه الآخر، حيث تقول الروايات المتواترة التي يرويها معظم الناس هناك تشير إلى أن الفكرة هي إعجاب «بني هلال» بقوتهم وجبروتهم، لدرجة أنهم شرعوا في بناء السد كي لا يكونوا مضطرين إلى طلب الله أن ينزل عليهم المطر. وهناك أنشدوا البيتين الشهيرين: «بنيناك يا سد السملقي، بالحنطة البرصاء والسمن الأزلقي، إن شئت يا سماء أمطري، وإن شئت يا سما لا تمطري»، حيث أرسل الخالق سيلا اخترق السد ليكون عظة وعبرة للتاريخ ولهم. من جانبه أوضح الأكاديمي جميل الثمالي أن سد السملقي يحمل دلالات تاريخية كبيرة تتمثل في النقوش الموجودة على جدرانه، وهو يبعد عن مدينة الطائف بمسافة 18 كلم، ويمتد على عرض 10 أمتار بطول 200 متر. وأضاف الثمالي أن هناك آراء تاريخية تقول إن بناءه كان في العصر الجاهلي، وأخرى تقول إن البناء في عصر معاوية بن أبي سفيان، لكنه في الإجمال قد بني في قالب هندسي وعمراني فريد، إذ تتميز صخوره بكبرها وعظمها، مستدركا: «هناك من يتساءل عن طريقة نقل هذه الصخور بكبرها وعظمها في هذا السد، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على براعتهم وقدرتهم الجسدية». وأضاف الباحث أن هيكل السد يرسل إشارات تاريخية قوية تختص بالقدرة الإلهية بتدمير ذلك الجزء من السد، والإبقاء على غيره، وقد شهد السد زيارة وفود أوروبية بعضهم أقام خياما بالأيام لدراسة الطبيعة الصخرية للسد وامتداده وعلاقته بالتاريخ. وشدد الثمالي على أن الأولى بدراسته هم الباحثون الوطنيون، ملمحا إلى قصور واضح من هيئة السياحة والآثار في إعادة تأهيله، لا سيما أنه يحتاج إلى قدرات مالية وشركات عالمية مختصة، مع توقع انهياره في حال مداهمة أي سيل أو فيضان له، وهو ما يدعو إلى المحافظة على ما تبقى من هذا السد الأثري العظيم الذي يمثل شاهد عيان على تاريخ المكان.