تبادل المرشحان لإنتخابات الرئاسة الأمريكية، الرئيس الديمقراطي باراك أوباما وغريمه الجمهوري ميت رومني، الإتهامات حول قضايا داخلية شملت الضرائب والعمالة ومصادر الطاقة، خلال المناظرة التلفزيونية التي جرت مساء أمس . وسعى كل من أوباما ورومني إلى إحراج بعضهما من خلال التذكير بالوعود والتصريحات السابقة، كما تجنب كل منهما الرد المباشر على أسئلة كما حصل عند سؤال رومني عن أوباما عندما علم بوجود ضعف في الحماية ببنغازي ولكن رومني لم يتنبه لذلك، كما اتهم أوباما بأنه لم يتفاعل مع قضية مقتل السفير بليبيا وهو أمر غير صحيح إذا قال أوباما في اليوم التالي إن العمل الإرهابي لن يهز بلاده. وأحرج أوباما خضمه ببعض الحالات عندما أشار إلى تصريحات سابقة تتعلق بمواقفه الرافضة لوجود معامل الفحم، إلى جانب سؤاله عن طرق تمويل خططه الاقتصادية في حال فوزه، قائلاً إن برنامج الحزب الجمهوري هو الوصول إلى السلطة ومن ثم التفكير بسبل التمويل. وفي رد على سؤال حول وضع الوظائف في البلاد قال رومني: “هناك 23 مليون عاطل عن العمل يبحثون عن وظائف، وسياسية الرئيس هي عدم إعادة هؤلاء إلى العمل، هناك نسبة عالية من البطالة وهناك شركات أفلست.” أما أوباما فرد بالقول إن رومني ليس لديه خطة من خمس نقاط بل “خطة من نقطة واحدة وهي مواصلة عمل الإدارة السابقة لكن بقواعد جديدة، وبالتالي يمكن للمرء أن يزيد ثروته رغم إفلاس شركته، وهذه الخطة بالتالي ستعيدنا إلى المشاكل التي عملنا لنواجهها طوال السنوات الأربعة الماضية.” وفي موضوع الطاقة وقدرة الولاياتالمتحدة على تلبية حاجتها منه قال أوباما: “الشيء الأهم هو السيطرة على موارد الطاقة لدينا، ومنذ توليت مهمتي فلدينا أعلى مستوى من إنتاج النفط والغاز والفحم منذ عقود، وليس هذا فحسب بل ضاعفنا إنتاج الطاقة المتجددة وألزمنا السيارات بأن تصبح أكثر اقتصادية عبر الحد من مستويات استهلاك الطاقة ولذلك تراجع استيرادنا من الطاقة إلى أقل مستوى لها منذ 16 سنة.” وأضاف: “رومني سيقول إن لديه نفس الالتزام، ولكن هذا لا يكفي لأنه ليس مهتماً بالطاقة النظيفة وهذا يعني أنه بعد سنوات لن يكون لدينا استقلال بالطاقة، بعكس ما يحصل في ألمانيا والصين.” أما رومني فرد بالقول: “الرئيس محق حيال حصول زيادة إنتاج النفط والغاز، غير أن هذا لا يحصل على الأراضي المملوكة للدول، والتي تراجع النفط والغاز فيها بواقع 14 في المائة، أما الزيادة فأتت من مجهود فردي في بعض المناطق، نريد الوصول إلى خليط من الطاقة المتجددة والأحفورية ولكن نريد أيضاً الاستفادة من الموارد الموجودة لدينا، وإذا حققنا مشروعنا بالاستقلال بالطاقة بأمريكا الشمالية خلال ثمانية أعوام فستعود المشاريع إلى أمريكا وسنزيد إنتاج النفط والفحم في الولاياتالمتحدة وسنزيد من استيراد النفط من كندا.” غير أن رد رومني أثار حفيظة أوباما الذي أكد أن الحكومة تساعد في كل الأحوال بقضية إنتاج الغاز والنفط، وذلك عبر تسهيل عمل الشركات الخاصة قبل أن يتوجه إلى رومني بالقول: “أنت وقفت أمام مصنع للفحم بولايتك وعارضت وجوده وقلت إنه يقتل، ولكنك اليوم بت شخصاً مؤيدا لصناعة الفحم، إنتاجنا من الطاقة يزداد واستهلاكنا يقل بفعل قوانين الحد من الاستهلاك في السيارات، ولم نصادر رخص الشركات المنتجة للنفط ولكن سحبنا رخص الشركات التي لم تقوم بالعمل طوال سنوات.” ورد رومني من جهته بالقول إن الناس لا تؤمن بأن إدارة أوباما ستقوم بالعمل على زيادة إنتاج النفط والغاز، معتبراً أن الدليل هو أسعار الوقود والكهرباء مضيفا: “لو أن مشروع الرئيس نجح بالفعل لتراجعت أسعار الطاقة،” مشيراً إلى ضرورة زيادة الإنتاج من النفط والغاز في ألاسكا واستجرار النفط من كندا بالأنابيب. من جانبه، وجد أوباما في أسعار الوقود فرصة لمهاجمة الحزب الجمهوري وسياساته قائلاً إن صعود أسعار الوقود هو بسبب تحسن الاقتصاد، معتبراً أن التراجع في السابق “كان لأن الأزمة المالية كان بذروتها والاقتصاد ينهار” وتابع بالقول: “هذه هي المرحلة التي يريد رومني أن يعيدنا إليها، أنا مع مشاريع استيراد النفط بالأنابيب ولكن هذه ليست إستراتيجية صحيحة بل يجب تعزيز الطاقة البديلة.” ودار جدل ساخن بين رومني وأوباما حول قضية إنتاج النفط، إذ اتهم رومني إدارة أوباما بالتسبب في تراجع إنتاج النفط بالأراضي الحكومية الأمريكية بنسبة 14 في المائة، وقد رفض أوباما رفض الإقرار بذلك، فطلب منه رومني تقديم رقم دقيق لذلك، لكنه لم يفعل. وفي موضوع الضرائب والمساعدات الحكومية قال رومني إن برنامجه لا يتضمن خفض الضرائب على الأثرياء، بل على الطبقة الوسطى، واعتبر أن هذه الطبقة “ستستفيد من حذف الضرائب على أرباحها الرأسمالية مقابل تخفيض بعض المزايا،” متهماً أوباما بالمقابل بمواصلة لاقتراض المرتفع، ما سيقود إلى رفع الضرائب في نهاية المطاف. بالمقابل، قال أوباما إن الخطة الضريبية التي وضعتها إدارته ستفيد 98 في المائة من الناس، واتهم رومني وحزبه ب”تعطيلها لأنهم يريدون مصلحة 2 في المائة من الناس،” واستعاد الرئيس الأمريكي تصريحات سابقة لخصمه قائلاً: “رومني قال منذ فترة إنه من العدل أن يدفع سائق الحافلة الذي يتقاضى 50 ألف دولار سنويا نفس الضريبة التي يدفعها من يربح 20 مليون دولار سنويا.” أما رومني فنفى ذلك قائلاً: “لا أريد خفض الضرائب على الأثرياء الخمسة في المائة بل أريد خفضها للطبقة الوسطى وهذا سيفيد أصحاب المصالح الصغيرة وسيخلق المزيد من الوظائف، بعكس ما يحصل في الإدارة الحالية حيث عشنا لسنوات بمعدل فقر يعادل 8 في المائة ونحن لا نستحق العيش هكذا، خطتي الاقتصادية زيادة إنتاج الطاقة والاستقلال بها خلال 8 أعوام والتصدي للصين إن قامت بأي غش وهذا سيخلق الوظائف.” غير أن أوباما رد بالقول إن خطة رومني ستكلف 5 ترليونات دولار، إلى جانب ترليوني دولار إضافية للإنفاق الدفاعي مع ومواصلة خفض الضرائب بقيمة ترليون دولار، متسائلا عن الطريقة التي سيقوم من خلال رومني بتوفير ثمانية ترليونات دولار لتمويل ذلك. ورد رومني على سؤال أوباما بالقول إن الرئيس أساء عرض خطة الحزب الجمهوري مضيفاً: “أنا أدير مشاريع منذ 20 سنة وأعلم كيف تتم الموازنات، لدينا اليوم عجز في خمسة ترليونات دولار، فهو (أوباما) وعد بخفض الديون خلال ولايته ولكنها ضاعفها، وهذا يعني أننا على الطريق لتكرار تجربة اليونان.” وبرز خلال المناظرة سؤال موجه لرومني حول الفارق الأساسي بينه وبين إدارة الرئيس السابق، جورج بوش فرد بالقول: “هناك اختلافات بيني وبين بوش ونحن اليوم في زمن مختلف، ولذلك فخطتنا مختلفة، لدي مشروع الاستقلال بالطاقة دون أن نضطر للاستعانة بالعرب أو فنزويلا ونريد زيادة التجارة، ونريد خفض العجز بالميزانية وهذا أمر لم يكن يحصل في زمن بوش، كما أن بوش ركز على الشركات الكبيرة بينما أنا أريد التركيز على الشركات والصغيرة والمتوسطة وخلق المزيد من فرص العمل.” من جانبه رد أوباما بالقول إن صلب خطة رومني هو خفض الضرائب، قبل أن يورد بعض التناقضات في خطة رومني، وبينها انتقاده للصين في حين يستثمر هو في شركات تنقل مشاريعها إلى الصين.” وتوجه أوباما إلى رومني بالقول: “أنت من يحق له التحدث عن هذا الموضوع، رومني انتقد رفض دخول عجلات صينية مغشوشة واعتبر أنني أميل للحمائية. رومني متطرف أكثر من بوش بالسياسات الاقتصادية.” أما رومني فرد بالقول إن خطة أوباما كانت خفض البطالة بأمريكا إلى 5.4 في المائة، ولكن هذا لم يحصل، مشيرا إلى أن هذا يعني بأن الإدارة أخفقت في تأمين وظائف لتسعة ملايين شخص. كما تهم رومني أوباما بالفشل بتحقيق تعهده بخفض العجز ولم يقدم كما وعد مشاريع قوانين للضمان الصحي وتنظيم الهجرة مضيفاً: “لدينا 47 مليون شخص يعتمدون على قسائم الطعام مقابل 32 مليون عندما تسلم السلطة، في فترة ريغان جرت معالجة الأزمة الاقتصادية عبر خلق ضعف الوظائف وهذا لم يحصل بهذه الإدارة، الرئيس لديه القدرة على الخطاب وعرض أفكاره ولكن الأهم هو النظر إلى الأرقام.” وبعد دقائق، استدرك رومني إشارة أوباما إلى مشاركته في مؤسسات نقلت عملها من أمريكا إلى الصين ليستطرد خارج إجابة عن سؤال آخر متوجها إلى أوباما بالقول إن هذه الأموال مستثمرة في صندوق لا يتحكم به شخصياً، معتبراً أن أوباما نفسه لديه استثمارات مشابهة في أمواله التقاعدية الخاصة، وذلك وسط رفض الرئيس الأمريكي لخروج منافسه عن الموضوع. وفي الشأن الخارجي، وجه أحد الحضور سؤالا لأوباما حول طريقة أخذ القرار بعدم زيادة الحماية الأمنية في قنصلية أمريكا ببنغازي قبل الهجوم الذي أدى إلى مقتل السفير كريستوفر سيتفنز. وحفز السؤال أوباما على الرد بحزم قائلاً إن بلاد “ستتعرف على من نفذ هجوم بنغازي ستتعقبهم،” مضيفاً أنه ما من أحد أكثر اهتماماً منه بسلامة الدبلوماسيين الأمريكيين،” مهاجماً رومني عبر القول إن أول ما فعله هو والحزب الجمهوري كان العمل على إصدار بيان مخصص لمهاجمة البيت الأبيض. ورد رومني بالقول إن أوباما وإدارته تأخروا خمسة أيام قبل أن يحددوا طبيعة ما جرى في القنصلية مضيفاً: “الرئيس سافر في اليوم التالي للهجوم ليقوم بحملة جمع تبرعات عوض أن يستمع إلى شهادات الشهود الذين أكدوا حصول عمل إرهابي ضد السفارة وليس مجرد مظاهرة.” وأثار رد رومني حفيظة أوباما الذي نفى بقوة أن تكون إدارته قد تلاعبت بتحديد طبيعة الأحداث لأسباب سياسية، مضيفاً أنه قام في اليوم التالي للهجوم بوصفه بأنه “إرهابي.” وقد نفى رومني أن يكون أوباما قد فعل ذلك ما دفع الأخير إلى دعوته لمراجعة نص كلمته، لتتدخل كراولي قائلة إن أوباما قال بالفعل إن العملية كانت إرهابية ولكن إدارته تأخرت في استخدام الوصف نفسه. واندفع رومني بعد ذلك إلى شن هجوم على سياسة الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط قائلاً “أنظروا ما يحصل في سوريا ومصر وليبيا، هذا الأمر يجب أن يعيد النظر بكامل سياسة الرئيس في الشرق الأوسط.. انظروا إلى ما يجري في سوريا حيث قتل الجيش 30 ألف شخص، سوريا دولة مهمة جداً على المستوى الاستراتيجي لنا.” وفي شأن دولي آخر، أثار رومني الموقف حيال الصين قائلاً إنها باتت “أكبر مصنّع في العالم،” وأضاف: “ما نريده هو إعادة الشركات إلى أمريكا عبر خفض الضرائب وتحسين القوانين، ونريد أن نتأكد من أن التجارة تحصل بشكل صحيح وهذا ما لا تفعله الصين التي تخفض سعر عملتها ما يتسبب في صعوبات لتجارتنا فالصين تتلاعب بعملتها منذ سنوات وسأعتبر الصين أنها دولة متلاعبة بعملتها وأتعامل معها على هذا الأساس.” وأضاف رومني: “الصين تسرق اختراعاتنا وتخدعنا بالعمل وتستخدم الصناعات المزيفة.” من جانبه، رد أوباما بالقول إن بعض الوظائف لن تعود إلى الولاياتالمتحدة وخاصة تلك التي تعتمد على الأجور المنخفضة كثيراً، مضيفاً أن الأهم هو أن خلق وظائف عالية لكي نكرر خلق وظائف عالية قادرة على تأسيس شركات مثل “أبل” وصنع اختراعات متطورة. يشار إلى أن المناظرة استمرت لأكثر من ساعتين، وتحدث أوباما 44 دقيقة وأربع ثواني، بينما تحدث رومني طوال 44 دقيقة و50 ثانية. يذكر أن أخر استطلاع للرأي اجراه معهد غالوب أظهر ان الرئيس الامريكي باراك أوباما لا يزال يتقدم على منافسه الجمهوري ميت رومني بين الناخبين المسجلين على المستوى الوطني بثلاث نقاط.