كل غياب يخلف ورائه وجع ، ويترك خلفه ألم ، ويختلف الرحيل من شخص لآخر فشخص رحيله يعدل رحيل أمه بأكملها ، بينما غياب آخر لا يعد غياب فمجرد دفنه يذهب ذكره ، كغيمة مرت على وطن ثم أبعدتها الرياح بعيدا جداً وبالطبع لن يعد لها ذكرا في الأوطان فللموت أوجه متعددة ، والراحل اليوم يعدل أمة . (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) رحل نايف وغاب ، وغيابه بحجم وطن ، رحل وما زال الوطن يتنفسه رحل نايف الأمن ، نايف السلام رحل قاهر الإرهاب ، وكأننا بعد رحيله نرى أعماله تلوح بياضاً بين السماء والأرض وتتساقط على الأرض كالمطر لتسقيها وتروي ظمأ الحياة وتنشر الأمن والسلام والاستقرار في كل أرجاء الوطن ، وتهدي للشعب كافة الطمأنينة والرخاء . كيف لا وقد رحل بعدما أرسى دعائم الأمن وأسس للسلام في وطن الأمان . كيف لا و جسده الطاهر وارى الثرى وقد بث جهوده وكرس وقته لاستتباب الأمن والاستقرار فوق الأرض . كيف لا وجهوده واضحه وملموسة على مدى 37 عاماً تتحدث عنها كل الأوطان في المشرق والمغرب وكان له الأثر الواضح في كل الملفات والجوانب الأمنية والسياسية الغاية في الحساسية وبفضل الله ثم حنكة وحكمة هذا الرجل تجاوزت البلاد الكثير من المحن والملمات . نعم رحل نايف ونحن بحمدالله ننعم بالاستقرار بالرغم من كثرة الخطوب حولنا .. رحل بعد أن قاد سفينة الأمن والسلام إلى شاطئ الأمان بكل حكمة ودراية واقتدار حتى تمكن بفضل الله ثم حكمته من وأد كل مظاهر الفتنة والخوف والإرهاب في مهدها. ماذا عساني أن أكتب في حق النايف – رحمه الله – وكيف للمداد أن يشرح أفعال أمة بأسرها . إن القلب ليحزن لفراقه لكن إيماننا بأن الموت سنة كل حي جعلتنا نستقبل تلك الصدمة كغيرها مما سبق بكل قلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره . وكلنا نتسابق لتلك المساحة الضيقة ، لكن هل من معتبر . ثم إن رحيل نايف الأمن لن يزيد الدولة إلا أمناً وتماسكاً وقوة ، فإن ترجل رجل أعقبه رجال .. تبكى الجياد ..اذا ترجل فارس *** ومن الصهيل ..توجع .. وعذاب ثم لا خوف على هذه البلاد المباركة تحت قيادة الملك الصالح وإخوانه وأبنائهم المخلصين ، فلن يخلف الأسود إلا أسود ، ولن تؤثر فينا تلك الأصوات الشاذة والمغرضة ولن تؤثر في مسيرة سفينة القيادة والأمن ، فقد ترجل لقيادتها رجال . نعم برحيله ترك فراغ في قلوبنا لكن عزاؤنا أن مكانه لن يبقى شاغراً بل سيملؤه رجال أكفاء وسيعقبه من هم أهلاً لذلك ، ولن يزيدنا نباح تلك الشرذمة التي تحتفل بوفاة المسلمين إلا تماسكاً ومتانة وقوة والتفاف ، فزئير الأسود وصل أقصى الأرض . مصابنا والله جلل ولا نقول إلا كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لإبنه إبراهيم ( إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ) وإنا لفراقك يا نايف لمحزونون وإن مات نايف فخلفه ألف ألف ك نايف .. والأمة ولاّدة ما أن يموت عظيم إلا ويولد عظيم ، والله أعظم من كل شيء . ولن يخذل الله حاكم أقام حكمه على شريعته وليخرس الجهلة والحمقى والمغفلين ، وليرحم الله فقيد الإسلام والمسلمين ، وعظم الله أجركم ..