أكد عدد من المثقفين والمثقفات السعوديين بقاء ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز في قلوبهم، فهو وإن غاب تحت الثرى، كما يقولون في استطلاع ل»الحياة» فإنه موجود في ذاكرتهم وخيالهم. ولا يبدو على المثقفين أنهم سيتعبون من تكرار المديح وتذكر مآثر فقيد الوطن التي لا تحصى وقال الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد آل سعود: أسكن الله فسيح جناته سلطان القائد والإنسان والموجه والوالد والمخلص لدينه ومليكه ووطنه. عندما نستعرض الخطوط العريضة لمسيرة هذا القائد المحنك نجده المخلص للملك عبد العزيز وللملك فيصل وللملك خالد وللملك فهد وللملك عبدالله إخلاص الجندي لقائده، ينفذ كل ما يأمرون به في خدمة الإسلام والمسلمين والمواطن السعودي على وجه الخصوص والعربي والإسلامي بوجه عام لنجده الجندي الذي لم يترجل عن حصان العطاء لخدمة دينه ووطنه. وفقد الأمير سلطان ليس كأي فقد إنه باختصار ابن الكبير من المواطنين وأب الصغير من المواطنين وحلقة الوصل الثابتة بين الحاكم والمحكوم، أياديه البيضاء لم تقف على تلمس حاجات المواطن السعودي بل تجاوز ذلك وعاش هموم العرب والمسلمين في الأقطار العربية والإسلامية. وكان خلف المنشآت للمؤسسات الإنسانية داخل البلاد وخارجها، عطفاً على ما حققه من إنجازات للجيش السعودي بخاصة والعسكري عامة بفتح الجامعات ودور التعليم في كل وطن، يتطلب ذلك إنه سلطان بن عبد العزيز صاحب الابتسامة التي لا تفارق محياه. وهذه الميزة ما هي إلا منحة من الله عز وجل لسلطان الخير عندما نشهد ملحمة التكافل الاجتماعي والتواصل الأخوي بين أبناء الأسرة الكريمة، ندرك أن هذا الوطن يسير على خطى ثابتة لخدمة الدين الحنيف وتنفيذ تعاليمه وفق الشريعة المحمدية. ولنا عبرة في تحامل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله على نفسه وحضور استقبال الجثمان في المطار والصلاة على الجنازة في جامع الإمام تركي بن عبدالله، ولنا أسوة حسنة في ذلك خلدها النائب الثاني نايف بن عبدالعزيز في حمل النعش وسلمان بن عبدالعزيز في حمل النعش. إن هذا التلاحم منة من الله عز وجل على قيادة هذا الوطن المقدس. ولا أذكر في يوم من الأيام أنني كلمت والدي فقيدنا الراحل في أي موضوع لأي مواطن أو مسلم إلا لباه ولو كان خارج البلاد، فكان رحمه الله كما وصفه الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض «جمعية إنسانية». رحم الله الأمير سلطان وجزاه خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين، وما قدم إبان جهاده في هذه الحياة وبارك لنا في إخوانه قادة يرفعون لواء الإسلام في خدمة الدين والوطن والمواطنين و«إنا لله وإنا إليه راجعون». أحمد اللهيب: وإنك في قلوبنا لباقٍ كيف للقلمِ أن يمسك بتلابيب الكلمات كي يخطَّ كلَّ شجن على رحيل سلطان! وكيف للكلمات أن تلين لأيِّ قلمٍ يثني زمامها ويقودها ألما على رحيل سلطان. وكيف للحزن بينهما أن يمثل قائما – وهيهات - كي نسطره بياناً على رحيل سلطان!. إنّ لصوته في الأذن حلاوة الحب، وإنّ لحديثه في القلب رائحة العطر، وإنّ للمسة يديه رقصات المطر!. ها هو سلطان –رحمه الله- يرحل عنا ويترك وراءه قلوباً آلمها فراقه، وعيونا أرهقها رحيله، ونفوساً عذّبها بعاده !. ها هو سلطان يرحل، وقد ترجل عن حصانه الأبيض، فإذا العطاء والكرم اللذان كان نهب يديْه مبهوتتان من جوى الرحيل، وإذا الابتسامة الحانية والكفّ الدافئة محزونتان من هول فراقه الأليم !.لسنا – وإن أبتْ أفعالك النيّرات إلا أن تشهد – بحاجة لرصدها وتقديم بيانها العددي بين الناس، فأيّ أرض تطأ تشهد لك بذلك، وأيّ سماءٍ ننظر تطل علينا بذلك، وبينهما مسافات فضاءٍ ترفع أيديها شاهدة بذلك!. لسنا – وإن كان صوتك الحنون يشهد على ذلك- نفتقد صوتك، فصوتك سحابة ربيع لا نظمأ بعدها تمطر علينا أنى شئنا حباً وكرماً وحناناً صافياً. «غاب عنا سلطان خير فغابت/ بسمات وقفنا بين الدروب/ حزنها يمضغ الفؤاد أنينا/ كلما لاح ذكره في القلوب/ كنت يا سيدي شفاء نفوس/ ظامئات وكنت خير طبيب. أشجان هندي: أرسى تصوراً استراتيجياً حكيماً صادق العزاء وخالص المواساة لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأطال في عمره، وللأسرة المالكة الكريمة، ولنا جميعاً في وفاة ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله برحمته الواسعة وأحسن مثواه. الأمير سلطان رحمه الله رجل دولة وسياسي من طراز رفيع نال بجدارة واستحقاق احترام وتقدير دول العالم الشقيقة منها والصديقة. وبوفاته - غفر الله له- فقدنا قائداً محنّكاً شهد له العالم على المستوى العربي والدولي، وسياسياً بارعاً عمل على تطوير العلاقات الثنائية بين المملكة وغيرها من دول العالم، وكان بحكمته السياسية ركناً أساسياً من أركان دعم العلاقات الإستراتيجية الدولية، وركناً أساسياً في تشكيل وإرساء التصور الإستراتيجي الحكيم في الدفاع عن المملكة وحمايتها بعد الله من المخاطر التي تحيط بها. إن الدور الريادي المهم الذي تلعبه المملكة العربية السعودية إقليمياً ودولياً، وإن الأمن والاستقرار الذي تنعم به بفضل الله سبحانه في هذه الفترة الزمنية العصيبة التي يعيشها العالم لخير شاهد على ما يتمتع به قادة هذا الوطن من حكمة ورشد وبعد نظر. وما سلطان بن عبد العزيز رحمه الله إلا أحد هؤلاء القادة، الذين أحبوا وطنهم وترجموا محبتهم له بالعمل المخلص والحرص الصادق على كل ما من شأنه توحيد الصف ورأب الصدع وشحذ الهمم، وفي هذا يكون البناء، وبمثل هذا يدوم شامخاً حراً أبياً بإذن الله. رحم الله فقيد الوطن سلطان السياسة الحكيمة. عبدالله الشريف: على الشعر سلطان رحم الله الإنسان الأمير سلطان وأسكنه الله فسيح جناته وجبر مصابنا بفقده. بدأت معرفتي به منذ وقت مبكر في عام 1409 ه حين قدم إلى منطقة عسير وكان في إحدى المناسبات يلقي الشعراء القصائد أمامه وكنت آخر الشعراء، ولضيق الوقت تم إلغاء مشاركتي، وحين علم الأمير بذلك استدعاني وهو لا يعرفني فألقيت القصيدة أمامه وفي مكتبه فأثنى علي وأهداني ساعته التي مازلت احتفظ بها إلى الآن. وفي كل عام يزور فيه الأمير سلطان منطقة عسير يقدم اوبريت خاص له. وفي احد الأعوام كان لي أوبريت «نبض القلوب» من كلماتي وغناء الفنان الكبير محمد عبده، وفي مقطع من الأوبريت يوجد بيت شعر قلت فيه «ما وفتك القوافي والعتب على القصيدة». وبعد أن انتهى الاوبريت سلمت عليه، وقال لي «كفيت ووفيت وأنت شاعرنا». وفي موقف من المواقف سألني ابو خالد: كل الشعراء معهم «سبحة» إلا أنت؟ فقلت له «يا طويل العمر ابتسامتك والوقوف أمامك هو مصدر إلهامي». فبادرني على الفور وأهداني سبحته رحمه الله. وقد رثيته بقصيدة هذه أبيات منها: ياكيف أجر الصوت بعد سلطان/ وان الذي تعودت ارفع الصوت باسمه/يا بسمة كانت على الشعر سلطان/ غابت وغابت بعدها كل بسمه/يامن حياته كلها بذل واحسان/ يشيل هم الناس ويصير همه.