يوم أليم وحزن كبير ومصاب جلل، حينما ودع إلى مثواه الأخير، الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز، عايشت أبناء هذا الوطن، والأمتان العربية والإسلامية مشاعر اختلطت بالدموع والحزن.. بكاك الوطن يا سلطان... بكتك كل عين وحزنت على فراقك... الموت حق.. أجل مكتوب لكن فقدك فجيعة أكبر من الحزن.. وأحر من الدمع، فجع العالم بأسره مع كامل التسليم بقضاء الله وقدره.. نعم (أبا خالد) شخصية عظيمة خريج مدرسة والده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- كيف لا وهو المؤسس لهذا الكيان الذي خرج من مدرسته ملوك هذه البلاد من أشقائه لقد عايش وخدم الوطن فكان الدرع الواقي والحصين ومدافعاً عن حياض هذا الكيان بتقلده وزارة الدفاع والطيران أكثر من سبعين عاماً، أكسبه دراية وإدارة مبكرة، وخبرات رجل دولة، حتى أصبح الذراع والساعد الأيمن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. لقد كان الفضل للفقيد، بعد الله، في ردع كل متربص أو من تسول له نفسه بالمساس بحياض هذا الوطن، ليجعله محصناً وعاصياً على كل معتدٍ، حينما أسس دفعاً قوياً ليكون جاهزاً لكل الاحتمالات. لقد كان (أبا خالد) شخصية إنسانية في أفعالها داخل الوطن وخارجه رجل سياسي محنك من الطراز الأول.. أسس ورسخ بناء قوياً لوزارة الدفاع من خلال الأدوار التي تقدمها للوطن من خدمات تعليمية وطبية وجوانب اجتماعية وإنسانية، لقد قفزت والوزارة وتوسعت مهامها في تلك الجوانب الاجتماعية والإنسانية، عطفاً على الدور الريادي والفعال الذي به توسعت قطاعات القوات المسلحة بفروعها الأربعة. الحديث يطول عن أفعاله على ساحة الوطن إدارياً وإنسانياً واجتماعياً. (بفقدان رجل عملاق ورجل دولة وقامة شامخة). خسر الوطن والعالم رجل العطاء الذي بذل سخاءً لم يتوقف، فأفعاله شاملة وعامة تعليمياً وسكن وعلاج ودعم الفقراء، رجل قدم الكثير من ماله ووقته وصحته (إنه رجل استثنائي) أسهم في صنع حاضر المملكة ووضع لبنة من لبنات المستقبل مع إخوانه من أبناء الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأبناء المملكة المخلصين فأصبحت البلاد ذات ثقل اقتصادي كبير عالمياً ومؤثراً. هذه سيرة (فارس نبيل) وسيرة (رجل عظيم) وشهم سخي كريم صورة تاريخية دونت وحفرت في الذاكرة من خلال أفعال سطرها الفقيد ليقصد الخير لمرضاة الله حينما يلقى وجه ربه الكريم مقبولاً ومغفوراً ومشمولاً برحمته. وهو يترجم اهتمامه في كل مجالات الحياة ومن ضمنها الأعمال الإنسانية التي شملت الفقير المحتاج داخل الوطن وخارجه من قبل وبعد تأسيس (مؤسسة سلطان الخيرية وبرامجها، مدينة الخدمات الإنسانية، برنامج الاتصالات الطبية والتعليمية، ومشروع الإسكان الخيري والدراسات العلمية) لقد رحل فقيدنا ووضع أسس والعطاء للوطن ليتوارثه الأبناء من بعده، إن رحيل (الأمير سلطان) خسارة فادحة ومصاب جلل أحزن الجميع الصغير والكبير. يا فقيد الوطن ونحن نودعك اليوم لا ننسى كل عطاء وبذل تعلمنا منك السخاء.. سنوات عمرك أفنيتها في خدمة وطنك وشعبك.. الكل ينثر الدموع.. رحيلك مهيب.. ومهابة.. رحيلك ومأتمك حزين.. كيف ونحن سنفقد الابتسامة العريضة التي تشرح النفوس، وارتسمت بكل أرجاء الوطن، نعم هذا أمر الله وقضاؤه ما عدا مآثرك وأعمالك والباقيات الصالحات.. مؤمنون وخاضعون لإرادة الله وقضائه - وعزاؤنا بمن يخلفك من أشقائك الميامين.. ودرعنا وسندنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- قائد سفينة هذه البلاد وأشقاؤه من حوله وأبناء شعبه المخلصين والأوفياء والذين هم أهلاً لهذه الملمات والأزمات للإبحار في هذا الكيان إلى شواطئ الأمان والاستقرار بإذن الله، وإن رحلت بجسدك فإن قامتك وشموخك والريادة التي حققتها طوال عمرك ستبقى ذكرى عطرة في كل أرجاء الوطن، تاريخك المضيء المشرف ومواقفك تخلد ذكراك إلى الأبد. حبك الفريد تمثل في صورة استقبال أخيك خادم الحرمين الشريفين في المطار لجثمانك رغم ما ألم به من ظروف صحية وإصراره على استقبالك وتوديعك إلى مثواك الأخير دليل على مكانتك في قلب وحب مليكك.. فهو ليس غريب على الأب الحاني الذي علمنا مشاعر الحب والإخاء. رحمك الله يا سلطان الإحسان والإنسانية والخير، فغيابك فجيعة! وأسى وحزن يلف كل نهارات الكون. لن ننسى تحملك للمواقف الحالكة التي واجهتك في جهادك ودفاعك وتفانيك عن حياض الوطن، فما أعظمك من إنسان، ويدك الكريمة الممدودة بعطائك السخي التي وصلت إلى الأيتام والمحتاجين والثكالى والمهمومين ورسمت الابتسامة على شفاههم وتزيل همومهم في كل مكان. اللهم اجعل كل ما قدمه في موازين حسناته خالصاً لوجه الله كريم، وما قدم من عمل إنساني في خدمة دينك أجراً عظيماً في آخرتك، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وهون عليه السؤال ويسره، واجعله في عليين مع الشهداء والأنبياء والصديقين، ومن رضيت عنهم وشملتهم برحمتك غفرانك واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا والذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، واجعل ما مضى له من تعب وألم طهوراً له من أدران الدنيا، فاللهم لا نملك إلا الدعاء ومنك الإجابة. فاقبله منا إنك أنت العزيز الرحيم واجبر مصاب الأمة في رحيله، فعليك اللهم الرحمة والمغفرة.. ولنا من الله العزاء وجبر المصاب.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإن لفراق أبا خالد لمحزونون.. ودعاءنا بأن تغشاك رحمة واسعة من رب السموات والأرض، وإنا لله وإنا إليه راجعون. مدير إدارة المطبوعات مطار الملك خالد الدولي