يقال والعهدة على الراوي إن الشارع الليبي الذي تحرك في عام 1969م احتفاء بمعمر القذافي الضابط الشاب الثائر ضد الملك الصالح إدريس السنوسي كان شعاره المرفوع في ذلك الصباح هو «إبليس ولا إدريس»، وأن الملك الصالح سمع الهتافات المعلنة ضده والتي فهم منها أن الشعب الليبي يفضل التعامل مع إبليس على أن يتعامل مع الملك إدريس، فرفع يديه إلى السماء ودعا بقوله: اللهم أجب دعوتهم فكان البديل للملك الصالح إدريس هو القذافي الرئيس، فهل هذا يعني أن تلك الدعوة قد استجيب لها.. يبدو أن الأمر كذلك؟! ويقول الذين عاصروا آخر أيام الملك الليبي أنه كان ينوي القيام بإصلاحات دستورية أساسية وأنه كان عازفا عن الحكم لمرضه وتجاوزه الثمانين من عمره ولكن ثورة الفاتح لم تمهله وانقضت عليه وأفسدت كل شيء ثم برك بطلها وقائدها على الشعب الليبي أكثر من أربعة عقود وهو لا يرى إلا نفسه على صفحة الماء، وربما تنتهي حياته بشكل أو بآخر وهو غارق في الأنا والنرجسية الوحشية الدموية التي تجعله غير قادر على إدراك وتقييم الأمور بطريقة صحيحة «فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور»! لقد كانت الأمة العربية التي دفعت ثمنا غاليا من دماء أبنائها من أجل التحرير من الاستعمار، تحلم بأن يحكمها من أبنائها من يخشون الله فيها ويقودونها بإخلاص وجد وقوة نحو المستقبل، فإذا بها تجد معظم أرجائها وقد تحكم فيها وحكمها من لا يعرفون الله ولا يرجون اليوم الآخر، مع أنهم وصلوا إلى سدة الحكم عن طريق ما بذلته شعوبهم من دماء طاهرة تضحية غالية فإذا بهم ينكصون على أعقابهم حتى قال في أحدهم الشاعر الأفريقي محمد الفيتوري «كلما زيفوا بطلا قلت: قلبي على وطني»!. إن بعض الدول المستعمرة كان فيها الكثير من الخير والرخاء وعلائم التنمية والنماء وعملتها ذات قيمة ومظاهر التحضر فيها كانت تبشر بمستقبل أخاذ، فلما تحررت خربها من استلمها وأخرها قرونا إلى الوراء ودمروا الكرامات والأرض وأهلكوا الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، مما أدى إلى انفجار الأوضاع وتدخل الأمم واختلاط الأوراق وكان فيما جرى ويجري عبر وعظات، ولكن هل يمكن أن يتعظ أو يعتبر الأموات ؟!.