بهدوء المجرمون الجدد هادي الفقيه يبدو أن مديرية الشؤون الصحية في محافظة الطائف أجرت عمليات عصف ذهني واسعة النطاق للخروج بفكرة خارجة عن المألوف لتقديم معايدة «غير شكل» بقيادة المتحدث الرسمي «الزميل» الذي وصف الصحافيين الذين لا يجيدون «فرك وجه» الصحة وتقديم أفضل عمليات التلميع الساطع ب «المجرمين». ذكرني تصرف الزميل العزيز بنكتة قديمة لم تعد تضحك مفادها أن امرأة دخلت على صيدلي وطلبت ما «يبيض الوجه» فقدم لها كبشا كبيرا كي «تتجمل»، والبعض يستخدم العلاج على طريقة «وين أذنك يا فرج». كشفت التصريحات عن ما كنا نتوقعه منذ فترة في ظل مطالباتنا أن يفهم المتحدثون الرسميون للأجهزة الحكومية دور الصحافة بشكل حقيقي، فليس في ألف باء مهمات وواجبات الصحافي أن يستخدم أفضل أنواع «الورنيش» للحديث عن إيجابيات أية مؤسسة وقطاع، وليس عرفاً عالمياً في المهنة أن تذكر الإيجابيات، بل أن ما ينشر في معظم صحفنا نوع من المجاملة، إنما التطرق للسلبيات هو صلب عمل الصحافة وسبب وجودها لإصلاح ما يمكن إصلاحه. إن الجريمة الحقيقية بل والكارثة أن يبقى بعض المتحدثين الرسميين دون تثقيف وتوعية بأدوار الصحافة ومهماتها وأولوياتها، وكيف ذلك باختصار: الرأي الرسمي يمثل الحكومة وصورة الحكومة ترسم من خلال من يمثلونها ويعلقون لوسائل الإعلام عن مواقف الأجهزة التي ينتمون إليها. جاء التصريح الأخير عقب جملة من السقطات التي كثيراً ما سترتها غرف الأخبار في كثير من الصحف، فلا تستغرب إن سمعت متحدثا يقول: «ما أدري بأشوف وش رايك يا أخي مهم الموضوع، وش يهم الناس لو تكلمتوا عن الموضوع، وش رايك ضبطوا الرجال». وقائمة لا تنتهي من الردود التي ترفع الضغط بل وربما تتسبب في أمراض جديدة. إن العزاء لنا كعاملين في مهنة الصحافة أن هذا التصريح كشف للقارئ العزيز سبباً مهماً لعدم تجاوب بعض الأجهزة مع الصحافة وكيف نضطر للكتابة: «واعتذر المسؤول عن التصريح»، أو «ولم يصل الرد» وحتى «لم يرد على اتصالات ورسائل المحرر». تدون على جدران الموقع الإلكتروني لهذه الصحيفة مئات التعليقات على الأخبار والتقارير والتحقيقات التي ننشرها ومعظمها أشبه بالرصاص تسأل عن رأي الطرف الآخر وهذه رقابة نحبذها ولكن نقول لهم تفضلوا يريدون تلميعا دون خدوش والله المستعان فكيف بالله تستغربون غياب الرأي. يجب أن يعلم جيدا كل متحدث رسمي أن القارئ أذكى وأكثر ثقافة من الماضي وأن ما يكتب أو يبث في أية وسيلة يأخذ في عين الاعتبار احترام ثم احترام القارئ، لذا يجب أن نعد كلامنا جيدا قبل أن نرميه من أعلى المباني بصوت عال. - شكرا وزارة الصحة، ونثمن كعاملين في الصحافة الموقف الواضح والمستنير من الوزارة التي أكدت فيه أن تصريحات الناطق باسم صحة الطائف لا يليق وأن الوزارة ترى الإعلاميين مرآة لعملها. ختاما رسالتي إلى زملاء المهنة ... يقول ديفيد راندال كبير محرري صحيفة الإنديبندنت البريطانية في كتابه «الصحافي العالمي»: «الصحافي الحقيقي هو من يتحكم في المصادر لا هي التي تتحكم به». [email protected]