بشراسة منقطعة النظير يلتهم طريق عشيرة في مسلسل مستمر من الحوادث المرورية ضحاياه بدون رحمة ،وكأن الأمر لايعني جهات الاختصاص من وزارة نقل، وصحة، وجمعية هلال أحمر فلكل جهة نصيبها الوافر من أسباب هذه الحوادث المميتة التي أفقدت الأهالي راحة النفس والبدن بدون إكثرات لما يعانيه المواطنين شمال الطائف. فمع إطلالة كل فجر جديد تحل أصوات عربات الإسعاف بديلا لتغريد العصافير في هذه المنطقة وليتها تحضر في موعدها المناسب؛ لتقوم بواجبها الإنساني في إنقاذ مايمكن إنقاذه، ولكن تصل في وقت متأخر بعد فوات الأوان وخروج الأرواح من أجسادها بينما بقية الأرواح تنتظر بفارغ الصبر قرارات ملموسة على أرض الواقع لانتشال شمال الطائف من غياهب النسيان وبراثن الإهمال الذي طال أمده . فالمنطقة ترزح تحت وطأة النسيان منذ عشرات السنين بلا مستشفيات ،ولا مقار لجمعية الهلال الأحمر، ولاحتى مناوبة للمراكز الصحية؛ لتقوم بالخدمات الطبية الطارئة خاصة الإسعافية منها. فمتى ماوقعت فاجعة مرورية في وقت متأخر من المساء أو في الصباح الباكر يجد ضحايا الحوادث الأبواب مؤصدة في طريق إنقاذهم . فمنهم من يتحامل على إصابته ويدرك مابقي من رمق في روحه إذا ماحظي بوقفة إنسانية لعابر طريق وإلا أصبح في عداد المتوفين على قارعة الطريق ناهيك عمن يصارع سكرات الموت في موقع الحادث بدون منقذ . سكان شمال الطائف لم يتركوا باب أمل إلا وطرقوه فقد بحت أصواتهم وحفيت أقدامهم وأصبحوا يتأوهون ألما لما يعانون من تهميش واضح لقراهم وهجرهم الممتدة على جنبات طريق \"الموت \"الذي يمتد بمسافة تزيد على 180كم تتخطفهم يد المنون لأسباب لم تجد يدا حانية لعلاجها وتصحيحها. فأصبحت مراسم العزاء مظهرا ملازما لسكان هذه القرى واتسعت رقعة المقابر التي وجدت لها ضيوفا يأتون زرافات وفرادى فلا حيلة لذويهم إلا الترحم على أقربائهم وذرف المدامع حزنا على فراقهم متحسبين على من كان له يدا في تعطيل مطالبهم التي طال بها المقام في أروقة الجهات المعنية حتى كساها غبار النسيان . ازدواج الصلاحيات وتضارب القرارات القيا بظلالهما على العديد من المشاريع التنموية في مجالات شتى ،وفي أنحاء متفرقة من الوطن الغالي ، فتم تعطيل مصالح ضرورية تلامس بشكل مباشر حياة المواطن دون مراعاة لحقوقه التي كفلتها له الدولة بسبب تقاذف المسئوليات بين المصالح الحكومية ،فكل جهة تخلي ساحتها ،وتتنحى عن القيام بمهمتها بمبررات يدفع المواطن ثمنها من راحته النفسية مغلوبا على أمره. كان منها توسعة طريق عشيرة –المحاني هذا \"الثعبان \" المتعطش لضحاياه بلا رحمة إذ أصبح ضحية تداخل الصلاحيات بين وزارة النقل والبلدية دون أن يطلق سراح توسعته \"الحلم \" ففي كل زيارة مسئول يعيش الأهالي أملا جديدا مع الوعود البراقة لحل هذه المعضلة فترة من الزمن ثم يخبو الأمل ليتيقنوا أن هذه الآمال لاتعدوا كونها مخدرا سرعان ماينتهي مفعوله ليعيش السكان فصولا جديدة من الألم المضاعف، فهل من مجيب لمطالبهم العتيقة ؟ سمران عايض القثامي محرر صحيفة الوئام الإلكترونية